الصالح مع الرجل الصالح في الجنة، والطالح مع الطالح في النار. أو تقرن الأرواح بالأجساد أو بكتبها وأعمالها، أو تقرن نفوس المؤمنين بالحور العين، ونفوس الكافرين بالشياطين.
ومن أقوال أئمة التفسير في ذلك:
١ - قال الحسن: (ألحق كل امرئٍ بشيعته: اليهود باليهود، والنصارى بالنصارى، والمجوس بالمجوس، والمنافقون بالمنافقين. ويلحق المؤمنون بالمؤمنين).
٢ - قال مجاهد: (﴿وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ﴾، قال: الأمثالُ من الناس جُمعَ بينهم).
٣ - وروى ابن أبي حاتم بسنده عن سِمَاكِ بن حرب، عن النعمان بن بَشير، أنَّ عُمَرَ خطب الناس فقرأ: ﴿وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ﴾، فقال: (تَزَوُّجُها أن تُؤلف كُلُّ شيعةٍ إلى شيعتهم). وفي رواية: (هما الرجلان يعمَلان العمل فيدخلان به الجنة أو النار). وفي رواية عن النعمان قال: سُئِل عُمَر عن قوله تعالى: ﴿وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ﴾ فقال: (يُقْرَنُ بين الرجل الصالح مع الرجل الصالح، ويُقرنُ بين الرجل السوء مع الرجل السوء في النار، فذلك تزويجُ الأنفُسِ). وفي رواية عن النعمان: أنّ عمر قال للناس: ما تقولون في تفسير هذه الآية: ﴿وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ﴾ فسكتوا. قال: (ولكن أعلَمُه هو الرجلُ يُزَوَّجُ نظيِره من أهل الجنة، والرجل يُزَوَّجُ نظيره من أهل النار، ثم قرأ: ﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ﴾ [الصافات: ٢٢]).
٤ - وقيل: زُوِّجَ المؤمنون بالحور العين، وزُوِّجَ الكافرون بالشياطين. حكاه القرطبي في "التذكرة".
قلت: وجميع ما سبق يفيد المعنى، وهو جمع كل شكل بنظيره يوم القيامة، فيضمّ المبرز في الطاعة مع السابقين، والمتوسط مع أمثاله من أصحاب اليمين، وأهل المعصية والكفر مع أمثالهم من أصحاب الشمال وأهل الجحيم، واللَّه تعالى أعلم.
وقوله نعالى: ﴿وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (٨) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ﴾. توبيخ لقاتلها وتهديد له فيما أقدم عليه. فقد كانت العرب إذا ولدت لأحدهم بنت دفنها حية مخافة العار أو الحاجة. فيوم القيامة تُسأل الموؤدة على أيِّ ذنب قُتِلت، ليكون ذلك تهديدًا لقاتلها. قال ابن كثير: (فإنه إذا سُئِل المظلوم فما ظَنُّ الظالم إذن؟ ).
قال قتادة: (كان أهل الجاهلية يقتل أحدهم ابنته، ويغذو كلبه، فعاب اللَّه ذلك


الصفحة التالية
Icon