عليهم). وقال: (هي في بعض القراءات: "سَأَلتْ. بأي ذنب قُتِلت" لا بذنب). وكذا قال ابن عباس وأبو الضحا "سَألَتْ" أي: طلبت بدمها.
وفي صحيح مسلم عن عائشة، عن جُدامَةَ بنتِ وَهْبٍ، أُخْتِ عُكّاشَةَ قالت: [حَضَرْتُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في أُناسٍ، وهو يقول: لقد هَمَمْتُ أن أنهى عن الغِيلةِ، فَنَظَرْتُ في الروم وفارِسَ، فإذا هُمْ يُغِيلونَ أولادهم، فلا يَضُرُّ أولادهم ذلك شيئًا. ثم سألوه عن العَزْلِ؟ فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ذلك الوأدُ الخفيّ". وفي رواية: وهي: ﴿وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ﴾] (١).
وفي مسند أحمد ومعجم الطبراني بسند صحيح عن سلمةَ بن يزيدَ الجُعْفِيِّ قال: [انطلقت أنا وأخي إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقلنا: يا رسولَ اللَّه! إن أُمَّنا مُليكة كانت تَصِل الرَّحِمَ وتَقْري الضيف، وتفعل وتفعل. هلكت في الجاهلية، فهل ذلك نافِعُها شيئًا؟ قال: لا. قلنا: فإنها كانت وَأَدَتَ أُختًا لنا في الجاهلية، فهل ذلك نافِعُها شيئًا؟ قال: الوائدةُ والموؤدةُ في النار، إلا أن يُدرِكَ الوائدةَ الإسلامُ، فيعفو اللَّه عنها] (٢).
قلت: والمقصود أن الموؤودة إن كانت كبيرة تعقل ورضيت بفعل أبيها وأمها بوأدها فتشترك معهم في الإثم وعذاب النار، واللَّه تعالى أعلم.
وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ﴾. أي كتب الأعمال إذا نشرت للحساب. قال الضحاك: (أُعطي كلُّ إنسان صحيفته بيمينه أو بشماله). وقال قتادة: (صحيفتك يا ابنَ آدمَ، تُملي فيها، ثم تُطوَى، ثم تُنْشَرُ عليك يوم القيامة، فنَظرَ رجلٌ ماذا يُملي في صحيفته).
وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ﴾. أي: تشققت وأزيلت. وعن مجاهد: (﴿كُشِطَتْ﴾ قال: اجتُذبت). وقال السُّدي: (كُشِفَت). وقال الضحاك: (تنكشِطُ فتذهب). وقَال الزجاج: (قلعت كما يقلع السَقف).
قلت: وأصل الكَشْطِ في لغة العرب: قَلْع عن شدّة التزاق، وانكشط: أي ذهب، والمقصود: تُنْزَعُ السماء من مكانها كما ينزع الغِطاء عن الشيء فتطوى، كما قال جلت
(٢) حديث صحيح. أخرجه أحمد (٣/ ٤٧٨)، والنسائي في "التفسير" (٦٦٩)، وأخرجه الطبراني (٦٣١٩)، وإسناده على شرطهما.