فقد أخرج البخاري ومسلم عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: [قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ليسَ أحَدٌ يُحاسَبُ إلا هَلَكَ"، قالت: قلتُ: يا رسول اللَّه، جعلني اللَّه فِداءَكَ، أليس يقول اللَّه عَزَّ وجل: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (٧) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا﴾ قال: ذاكَ العَرْضُ يُعْرَضونَ، ومن نوقِشَ الحِسابَ هَلَكَ] (١).
وفي رِواية: [ليس ذاك بالحساب، ولكن ذلك العرض، مَنْ نوقِشَ الحساب يوم القيامة عُذِّب]. وفي لفظ: [ذاكِ العرض، ولكن من نوقِشَ المحاسَبَةَ هلك].
وأخرج الترمذي بسند صحيح عن أنس، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [مَنْ حُوسِبَ عُذِّب] (٢).
وأخرج أحمد والطبري بسند صحيح عن عائشة قالت: [سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول في بعض صلاته: "اللهم حاسبني حسابًا يسيرًا". فلما انصرف قلتُ: يا رسول اللَّه! ما الحساب اليسير؟ قال: أن يُنْظَرَ في كتابه فَيُتجاوزَ له عنه، إنه من نوقش الحساب -يا عائشة- يومئذ هلك] (٣).
وقوله تعالى: ﴿وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا﴾. أي: وينصرف إلى أهله في الجنة ﴿مَسْرُورًا﴾ أي: مغتبطًا قرير العين. قال قتادة: (إلى أهل أعدّ اللَّه له في الجنة).
وقوله تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ﴾. أي بشماله من وراء ظهره. قال مجاهد: (يجعل يده من وراء ظهره). وقال ابن كثير: (تُثْنى يدُه إلى ورائه ويُعْطى كتابه بها كذلك).
وقوله تعالى: ﴿فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا﴾. قال الضحاك: (يدعو بالهلاك). قال ابن جرير: (يقول: فسوف ينادي بالهلاك، وهو أن يقول: واثبوراه! واويلاه! وهو من قولهم: دعا فلان لهفه: إذا قال: والهفاه).
وقوله تعالى: ﴿وَيَصْلَى سَعِيرًا﴾. أي: يدخلها ويقاسي حرّ نارها.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا﴾. أي: إنه كان فرحًا باتباع هواه وركوب
(٢) حسن صحيح. أخرجه الترمذي (٣٣٣٨) - كتاب التفسير. انظر صحيح سنن الترمذي (٢٦٥٨).
(٣) حديث صحيح. أخرجه أحمد من حديث عباد بن عبد اللَّه بن الزبير بإسناد صحيح على شرط مسلم. ورواه ابن جرير في "التفسير" (٣٦٧٣٤).