الجمعة. قال: وما طلعت الشَّمسُ ولا غربت على يَوْمٍ أفضلَ مِنْهُ، فيه ساعةٌ لا يُوافِقُها عَبْدٌ مؤمِنٌ يدعو اللَّه بخير إلا استجابَ اللَّه لهُ، ولا يَستعيذُ مِنْ شيءٍ إلا أعاذَهُ اللَّه مِنْهُ] (١).
وله شاهد عند الطبراني بسند حسن لغيره عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [اليوم الموعود يوم القيامة، وإن الشاهد يوم الجمعة، وإن المشهود يوم عرفة، ويوم الجمعة ذخره اللَّه لنا، وصلاة الوسطى صلاة العصر] (٢).
قلت: فاليوم الموعود هو اليوم الذي وُعِدَ به الخلائق للحشر والحساب، والشاهد يوم الجمعة وفيه تقوم الساعة ويشهد محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- وأمته على الأم، واليوم المشهود يوم عرفة تشهده الملائكة، واللَّه تعالى أعلم.
وقوله تعالى: ﴿قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ﴾. هذا جواب القسم. أي لعن الطغاة أصحاب الأخدود.
قال ابن عباس: (كل شيء في القرآن ﴿قُتِلَ﴾ فهو لُعِنَ). والأخدود: الحفيرُ في الأرض. قال البخاري: (قال مجاهد: ﴿الْأُخْدُودِ﴾: شقٌّ في الأرض).
والآية خبرٌ من اللَّه تعالى عن قوم من الكفار عمدوا إلى من عندهم من المؤمنين فقهروهم ليرجعوا عن دينهم، فلما أبوا، عمدوا إلى تأجيج النار في أخاديد حفروها فقذفوهم فيها وهم ينظرون إليهم.
وهو قوله تعالى: ﴿النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (٥) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (٦) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ﴾.
النار: بدل اشتمال من الخدود.
والوقود: الحطب الذي توقد به. وقوله: ﴿إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ﴾. أي: لُعِنوا حين أحدقوا بالنار قاعدين على الكراسي عند الأخدود ﴿وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ﴾ من عرض المؤمنين على النار ليرجعوا عن دينهم ﴿شُهُودٌ﴾ أي حضور، وهم كذلك يشهدون على أنفسهم بما فعلوا يوم القيامة، ثم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم. وعن قتادة: (﴿وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ﴾ يعني بذلك الكفار). والمراد بهذا التأويل: حضور، أي
(٢) حسن لغيره. أخرجه الطبراني (٣٤٥٨). وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة ج (٤) ص (٥) عقب الحديث (١٥٠٢). وانظر صحيح الجامع الصغير (٨٠٥٦) - (٨٠٥٧).