وفي رواية: [أشدُّ الناس عذابًا للناس في الدنيا، أشدُّ الناس عذابًا عند اللَّه يوم القيامة].
١١ - ٢٢. قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (١١) إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (١٢) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (١٣) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (١٤) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (١٥) فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (١٦) هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (١٧) فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ (١٨) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ (١٩) وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ (٢٠) بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (٢١) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (٢٢)﴾.
في هذه الآيات: البشرى للمؤمنين أهل الصالحات والقربات بجنات النعيم، والتهديد والوعيد على الطغاة أمثال فرعون وثمود بصلي الجحيم، وهذا القرآن مجيد عزيز ليس بالسحر أو الشعر كما يقولون، مكتوب في اللوح المحفوظ لو كانوا يعلمون.
فقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾.
تسلية للمؤمنين الصابرين، على جرائم الطغاة الماكرين، فإن لهم البشرى والإقامة في جنات النعيم، في حين يقيم الكافرون في عذاب الحريق ولهيب الجحيم.
وقوله: ﴿ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ﴾. قال القرطبي: (أي العظيم، الذي لا فوز يشبهه).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ﴾. أي: إن أخذه تعالى للجبابرة والطغاة والظلمة أليم شديد، كما قال جلت عظمته: ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾ [هود: ١٠٢].
وفي صحيح البخاري عن أبي موسى رضي اللَّه تعالى عنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [إنَّ اللَّه ليُملي للظالم حتى إذا أخذه لم يُفْلِته. قال: ثم قرأ: ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾] (١).
وقال المبرد: (﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ﴾ جواب القسم). والتقدير عنده: والسماء ذات

(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري في كتاب التفسير (٤٦٨٦)، سورة هود، آية (١٠٢).


الصفحة التالية
Icon