وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَامُوسَى (٤٩) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾ [طه: ٤٩ - ٥٠].
٢ - وقال تعالى: ﴿ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٦) الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ﴾ [السجدة: ٦ - ٧].
وفي صحيح مسلم عن عبد اللَّه بن عمرو قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [إنَّ اللَّه كتب مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة. وكان عرشه على الماء] (١).
ورواه الترمذي عنه بلفظ: [قَدَّر اللَّه المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرضين بخمسين ألفَ سنة] (٢).
وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى﴾. قال قتادة: (نبت كما رأيتم، بين أصفر وأحمر وأبيض). قال ابن جرير: (يقول: والذي أخرج من الأرض مرعى الأنعام، من صنوف النبات وأنواع الحشيش).
وقوله تعالى: ﴿فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى﴾. قال ابن عباس: (هشيمًا مُتَغيِّرًا). وقال مجاهد: (غثاء السيل أحوى، قال: أسود). وقال قتادة: (يعود يبسًا بعد خضرة).
وقال ابن زيد: (كان بقلًا ونباتًا أخضر، ثم هاج فيبس، فصار غثاء أحوى، تذهب به الرياح والسيول).
قلت: والغثاء: ما يقذف به السيل على جوانب الوادي من الحشيش والنبات وفتات الأشياء. فإذا يبس قيل له غثاء. قال الفراء: (الغثاء: اليبيس). والأحوى: المسودّ من القِدَم. قال الرازي: (وبعير أحوى: إذا خالط خُضْرَته سوادٌ وصفرة). وقال الأصمعي: (الحُوَّة حُمْرَة تضرب إلى السواد).
فيكون المعنى: فجعله -تعالى- بعد أن كان أخضر - غثاء، أي: هشيمًا جافًا ﴿أَحْوَى﴾ أي: أسود بعد اخضراره، وذلك أن الكلأ إذا يبس اسودّ، واللَّه تعالى أعلم.
(٢) حديث صحيح. أخرجه الترمذي وأحمد. انظر صحيح سنن الترمذي (١٧٥٠)، أبواب القدر.