وقوله تعالى: ﴿وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى﴾. أي: ويتجنب الذكرى ويبعد عنها الشقي في علم اللَّه. قال قتادة: (فلا واللَّه لا يَتَنَكَّبُ عبد هذا الذكر زهدًا فيه وبغضًا لأهله، إلا شقيٌّ بَيِّنُ الشقاء). قال النسفي: (﴿الْأَشْقَى﴾ الكافر، أو الذي هو أشقى الكفرة لتوغله في عداوة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-).
وقوله تعالى: ﴿الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى﴾. أي الذي يدخل النار العظمى، وهي نار جهنم، وأما النار الصغرى فنار الدنيا.
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾. أي: لا يموت فيها فيستريح مما هو فيه من العذاب ﴿وَلَا يَحْيَى﴾ حياة ينتفع بها.
أخرج الإمام مسلم في الصحيح عن أبي سعيد، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [أمّا أهلُ النار الذين هم أهلها، فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون، ولكن ناس أصابتهم النار بذنوبهم فأماتتهم إماتة، حتى إذا كانوا فَحْمًا أُذِنَ بالشفاعة، فجيءَ بهم ضبائِرَ ضبائر، فبثوا على أنهار الجنة، ثم قيل: يا أهل الجنة أفيضوا عليهم، فينبتون نبات الحبة تكون في حميل السيل] (١).
وأخرج الإمام أحمد في المسند على شرط الشيخين عن أبي سعيد قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ["أمّا أهل النار الذين هم أهلها لا يموتون ولا يحيَون، وأما أناسٌ يُريد اللَّه بهم الرحمةَ فيميتهُم في النار فيدخُل عليهم الشُفعاء، فيأخذ الرجل الضُبارة فَيُنْبِتهمُ -أو قال: يَنبتون- في نهر الحياءِ -أو قال: الحياة - أو قال: الحيوانِ - أو قال: نهر الجنة، فينبتون- نبات الحبَّة في حميل السيل". قال: وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أما تَرَوْنَ الشجرةَ تكون خضراءَ، ثم تكون صفراءَ، أو قال: تكون صفراء ثم تكون خضراء؟ ". قال: فقال بعضهم: كأَنَّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان بالبادية] (٢).
١٤ - ١٩. قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (١٥) بَلْ تُؤْثِرُونَ
(٢) حديث صحيح. أخرجه أحمد في المسند (٣/ ٥)، وإسناده على شرط البخاري ومسلم.