المؤمنين، وستكون حسرة على الكافرين، والموعد للحساب ووزن الأعمال يوم الدين.
فقوله تعالى: ﴿أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ﴾. أي: على ما هي عليه من الخلق البديع، والتركيب العجيب، من عظم جثتها، ومزيد قوّتها، وغريب أوصافها، ومع ذلك فهي تلين للحمل الثقيل، وتنقاد للقائد الضعيف، مع ما تدرّه على الناس من اللحم واللبن والوبر. وكانت الإبل من غالب دواب العرب وأنفس أموالهم، وأكثر ما لصق بحياتهم ومعاشهم.
قال قتادة: (لما نعت اللَّه ما في الجنة، عجّب من ذلك أهل الضلالة، فأنزل اللَّه ﴿أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ﴾ فكانت الإبل من عيش العرب ومن خَوَلهِمْ). وكان شريحُ القاضي يقول: (اخرُجوا بنا حتى ننظرَ إلى الإبل كيف خلقت، وإلى السماء كيف رفعت؟ ).
قلت: وسرّ هذا الخلق العجيب والقوة الشديدة للإبل متعلق بطبيعة ما خُلقَتَ منه، فإنها خُلِقت من الجن. وفي ذلك أحاديث، منها:
الحديث الأول: أخرج أبو داود بسند صحيح عن البراء بن عازب قال: سُئِل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الصلاة في مبارك الإبل فقال: [لا تُصلوا في مباركِ الإبل فإنها من الشياطين] (١).
الحديث الثاني: أخرج ابن ماجة بسند صحيح عن عبد اللَّه بن مُغَفَّلٍ المُزَنِيِّ قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: [صَلُّوا في مرابضِ الغَنَمِ، ولا تُصَلُّوا في أَعْطانِ الإبل. فإنها خُلِقَتْ مِنَ الشياطين] (٢).
الحديث الثالث: أخرج أحمد وأبو داود عن أبي الدرداء قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [لا تصلوا في مبارك الإبل، فإنها من الشياطين، وصلوا في مرابض الغنم، فإنها بركة] (٣).
(٢) حديث صحيح. أخرجه ابن ماجة في السنن (٧٦٩)، كتاب المساجد والجماعات. باب: الصلاة في أعطان الإبل ومُراح الغنم. وانظر صحيح ابن ماجة (٦٢٢).
(٣) حديث صحيح. رواه أحمد وأبو داود. انظر صحيح سنن أبي داود (١٦٩)، وصحيح الجامع الصغير (٧٢٢٨)، وله شواهد كثيرة.