وقلته، بل الإكرامُ في توفيق الطاعة والإهانةُ في الخذلان.
وقوله تعالى: ﴿بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (١٧) وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾.
قال النسفي: (أي بل هناك شر من هذا القول، وهو أن اللَّه يكرمهم بالغنى فلا يؤدون ما يلزمهم فيه من إكرامهم اليتيم بالمبرة، وحض أهله على طعام المسكين).
وفي الآيات: أمر بإكرام اليتيم، وحضّ على الإحسان إلى الفقراء والمساكين، والحثّ والتشجيع على ذلك، وفي السنة الصحيحة أمثال ذلك في أحاديث:
الحديث الأول: أخرج البخاري عن سَهْلٍ قال: [قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنا وكافِلُ اليتيم في الجنة هكذا"، وأشار بالسَّبابَةِ والوُسْطى وفَرَّجَ بينَهما شيئًا] (١).
الحديث الثاني: أخرج أبو داود بإسناد صحيح عن جابر بن عبد اللَّه مرفوعًا: [يا معشر المهاجرين والأنصار إن من إخوانكم قومًا ليس لهم مال ولا عشيرة، فليضم أحدكم إليه الرجلين أو الثلاثة] (٢).
الحديث الثالث: أخرج ابن ماجة والترمذي بسند صحيح عن سلمان بن عامر الضَّبِّيِّ قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [الصدقة على المسكينِ صَدَقَةٌ، وعلى ذي القرابةِ اثنتان: صَدَقَةٌ وصِلَةٌ] (٣).
ولفظ الترمذي: [الصدقةُ على المسكين صدقةٌ، وهي على ذي الرحم ثِنْتانِ: صدقةٌ وصِلة].
وقوله تعالى: ﴿وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا﴾. قال قتادة: (﴿وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ﴾ أي الميراث). وقال ابن عباس: (﴿وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا﴾ يقول: تأكلون أكلًا شديدًا).
قال الحسن: (نصيبه ونصيب صاحبه). وقال مجاهد: (اللمّ: السفّ، لفّ كل شيء).

(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٥٣٠٤)، كتاب الطلاق، وأخرجه أبو داود (٥١٥٠)، والترمذي (١٩١٨)، وأحمد (٥/ ٣٣٣)، وابن حبان (٤٦٠).
(٢) حديث صحيح. أخرجه أبو داود (٢٥٣٤) في السنن، وإسناده صحيح، ورواه الحاكم.
(٣) حديث صحيح. أخرجه ابن ماجة (١٨٤٤)، كتاب الزكاة، باب فضل الصدقة. انظر صحيح سنن ابن ماجة (١٤٩٤)، وصحيح سنن الترمذي، عقب الحديث (٥٣١).


الصفحة التالية
Icon