بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

١ - ١٠. قوله تعالى: ﴿لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (١) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (٢) وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (٣) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (٤) أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (٥) يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا (٦) أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (٧) أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (٨) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (٩) وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (١٠)﴾.
في هذه الآيات: يقسِمُ تعالى بمكة أم القرى في حال كون الساكن فيها حلالًا، تنبيهًا لعظمة قدرها حالة إحرام أهلها، كما يقسم جلت عظمته بالوالد وأولاده، أن ابن آدم في شدة وعناء، ثم مصيره إن كفر وعصى ربه إلى الشقاء، فهلا أخلص العبادة لربه الذي أغدق عليه نعمه الكثيرة، كالعينين واللسان والشفتين والنجدين والآلاء الكبيرة.
فقوله تعالى: ﴿لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾. قال الأخفش: (﴿لَا﴾ زائدة). والتقدير: أقسم بهذا البلد -وهي مكة-. قال القرطبي: (أي أقسم بالبلد الحرام الذي أنت فيه، لكرامتك عليّ وحبّي لك). وقال مجاهد: (﴿لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾: ﴿لَا﴾: رَدٌّ عليهم).
وقد أقسم اللَّه به في قوله: ﴿وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ﴾ [التين: ٣].
وقوله تعالى: ﴿وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾. فيه تأويلان:
التأويل الأول: أي في المستقبل. قال مجاهد: (أحل لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ما صنع فيه ساعة). وقال قتادة: (يقول: وأنت به حل لست بآثم).
وقد فصّل ذلك ابن عباس حيث قال: (﴿وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾ يعني بذلك نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أحلّ اللَّه له يوم دخل مكة أن يقتل من شاء، ويستحيي من شاء، فقتل يومئذ ابن خطل صَبْرًا وهو آخذ بأستار الكعبة، فلم تحل لأحد من الناس بعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يقتل فيها حرامًا حرّمه اللَّه، فأحلّ اللَّه له ما صنع بأهل مكة).
أخرج البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-


الصفحة التالية
Icon