١١ - ١٥. قوله تعالى: ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا (١١) إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا (١٢) فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا (١٣) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا (١٤) وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا (١٥)﴾.
في هذه الآيات: إخبارٌ من اللَّه تعالى عن تكذيب ثمود رسولهم، بسبب ما كانوا عليه من بغيهم وكبرهم وطغيانهم، حتى انبعث أعتاهم وأشقاهم، فعقر الناقة التي جعلها اللَّه اختبارًا لهم، فقابلهم اللَّه تعالى بغضبه وسخطه، ونقمته وعقابه.
فقوله تعالى: ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا﴾. الطغيان: مجاوزة الحد في المعاصي. قال ابن زيد: (بطغيانهم وبمعصيتهم). قال البخاري: (وقال مجاهد: ﴿بِطَغْوَاهَا﴾: بمعاصيها). والمقصود: بسبب المعاصي والطغيان، الذي حملهم على تكذيب نبي الرحمان، صَالِحٍ عليه الصلاة والسلام.
وقوله تعالى: ﴿إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا﴾. أي: حين قام أشقى ثمود، أو أشقى البرية، وهو قُدار بنُ سالف، وهو أحيمر ثَمود، وكان عزيزًا في قومه شريفًا نسيبًا رئيسًا مطاعًا، فعقر الناقة. ومعنى انبعثَ: انتدب لذلك وقام به.
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ﴾ [القمر: ٢٩].
٢ - وقال تعالى: ﴿فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ﴾ [الأعراف: ٧٧].
وفي صحيح البخاري عن عبد اللَّه بن زَمْعَةَ: [أنّه سمعَ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَخْطُبُ وذكَرَ الناقة والذي عَقَر، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ﴿إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا﴾: انبعثَ لها رجُلٌ عَزيزٌ عارِمٌ مَنيعٌ في رَهْطِهِ مِثْلُ أبي زَمْعَةَ] (١).
وقوله تعالى: ﴿فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا﴾. قال قتادة: (قسْم اللَّه الذي قَسَمَ لها من هذا الماء). والمقصود: فقال لهم رسول اللَّه -صالحٌ عليه الصلاة والسلام- احذروا ناقة اللَّه وذروها، وأعطوها حقّها من شِربها من الماء، فلا تتعرضوا لها يوم شربها.