ورواه الترمذي وقال: (وهكذا قراءة عبد اللَّه بن مسعود ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (١) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى﴾ والذكر والأنثى).
قلت: وهذه قراءة شاذة، والقراءة المتواترة: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (١) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (٢) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى﴾.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى﴾. جواب القسم. والمعنى: إن عملكم لمختلف. أي: كما اختلفت هذه الأشياء المُقْسَم بها اختلف ما وقع عليه القسم. قال عكرمة: (السعي: العمل، فَسَاع في فَكاك نفسه، وساعٍ في عَطبها).
قال القرطبي: (و"شَتّى": واحده شتيت، مثل مريض ومرضى. وإنما قيل للمختلف شتى لتباعد ما بين بعضه وبعضه. أي إنَّ عملكم لمتباعد بعضه من بعض، لأن بعضه ضلالة وبعضه هدى. أي فمنكم مؤمن وبرّ، وكافر وفاجر، ومطيع وعاصٍ. وقيل: ﴿لَشَتَّى﴾ أي لمختلف الجزاء، فمنكم مثاب بالجنة، ومعاقب بالنار. وقيل: أي لمختلف الأخلاق، فمنكم راحم وقاس، وحليم وطائش، وجواد وبخيل، وشبه ذلك).
وفي صحيح مسلم من حديث أبي مالك الأشعري مرفوعًا: [كُلُّ الناس يَغْدو، فبايعٌ نَفْسَهُ، فمعتِقُها أَوْ مُوبِقُها] (١).
وقوله تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى﴾. قال ابن عباس: (أعطى ما عنده واتقى. قال اتقى ربه). وقال قتادة: (﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى﴾ حق اللَّه ﴿وَاتَّقَى﴾ محارم اللَّه التي نهى عنها).
وقوله تعالى: ﴿وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى﴾. قال ابن عباس: (وصدق بالخَلَفِ من اللَّه). وقال عكرمة: (﴿وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى﴾ قال: بأن اللَّه سيخلف له). وقال الضحاك: (﴿وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى﴾: بلا إله إلا اللَّه). وقال مجاهد: (﴿وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى﴾ قال: بالجنة). وقال قتادة: (﴿وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى﴾ قال: بموعود اللَّه على نفسه، فعمل بذلك الموعود الذي وعده اللَّه). قلت: وجميع ما سبق من التأويل متقارب يكمل بعضه بعضًا.
وقوله تعالى: ﴿فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى﴾. قال ابن عباس: (يعني للخير). وقال زيد بن أسلم: (يعني للجنة). قال ابن جرير: (يقول: فسنهيئه للخَلَّةِ اليسرى، وهي العمل بما يرضاه اللَّه منه في الدنيا، ليوجب له به في الآخرة الجنة).