عن أبي زُرعة عن أبي هريرة قال: [جلس جبريل إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فنظر إلى السماء، فإذا ملك ينزل، فقال له جبريل: هذا المَلَكُ ما نزل منذ خُلِقَ قبل الساعة، فلما نزل قال: يا محمد، أرسلني إليك ربُّك: أمَلِكًا أجعلك أم عبدًا رسولًا؟ قال له جبريل: تواضع لربك يا محمد! فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: لا، بل عبدًا رسولًا] (١).
وفي جامع الترمذي وسنن ابن ماجة ومسند أحمد بسند صحيح عن عَلْقَمةَ، عن عبد اللَّه -وهو ابن مسعود- قال: [اضطجع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على حَصِير، فأثَّرَ في جنبه، فلما استيقظَ جَعَلت أمسح جَنْبَهُ وقلتُ: يا رسولَ اللَّه! ألا آذَنْتَنا حتى نبسُط لك على الحصيرِ شيئًا؟ فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مالي وللدنيا؟ ما أنا والدنيا؟ ! إنما مثلي ومثلُ الدنيا كراكبٍ ظَلَّ تحت شجرة ثم راحَ وتركَها"] (٢).
وقوله تعالى: ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾. أي: ولسوف يُمَكِّنُكَ ربك -يا محمد- ويعطيك من فواضل نعمه حتى ترضى، فيشمل ذلك: الفتح في الدين، والثواب والحوض والشفاعة لأمته في الآخرة.
أخرج الحاكم وابن جرير وابن أبي حاتم بسند حسن عن علي بن عبد اللَّه بن عباس عن أبيه قال: [عُرِضَ على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ما هو مَفتُوح على أُمَّته من بعده كنزًا كنزًا، فَسُرَّ بذلك، فأنزل اللَّه: ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾ فأعطاه في الجنة أَلْفَ أَلْفَ قَصْرٍ، في كل قَصْرٍ ما ينبغي له من الأزواج والخُدَّام] (٣).
وفي رواية عند الطبراني في "الأوسط" -قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [عرض عليَّ ما هو مفتوح لأمتي من بعدي فسرّني، فأنزل اللَّه: ﴿وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى﴾].
وقوله تعالى: ﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى﴾. امتنان من اللَّه سبحانه على نبيِّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن رعاه منذ نعومة أظفاره. قال القرطبي: (قوله: ﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا﴾: لا أب لك قد مات أبوك، ﴿فَآوَى﴾ أي: جعل لك مأوى تأوي إليه عند عمك أبي طالب، فكفلك).
(٢) حديث صحيح. أخرجه الترمذي (٢٣٧٨)، وابن ماجة (٤١٠٩)، وأحمد (١/ ٤٤١).
(٣) أخرجه الحاكم (٢/ ٥٢٦)، والطبري (٣٧٥١٣)، والطبراني (١٠٦٥٠)، والواحدي في الأسباب (٨٦١). وانظر: "الصحيح المسند من أسباب النزول" - الوادعي - سورة الضحى.