وقوله تعالى: ﴿إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى﴾. أي: إلى اللَّه المرجع والمصير، وعنده الحساب والثواب والعقاب. ورُجْعى: على وزن فعلى، والرُجعى والمرجع والرجوع مصادر.
وقوله تعالى: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (٩) عَبْدًا إِذَا صَلَّى﴾. قال مجاهد: (أبو جهل ينهى محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا صلى). وقد سبق أن هذه الآيات نزلت في أبي جهل حين توعَّد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إن رآه يصلي ليطأن على رقبته، فأخزاه اللَّه بالوحي والملائكة.
وقوله تعالى: ﴿أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (١١) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى﴾. قال قتادة: (محمد كان على الهدى، وأمر بالتقوى). والمقصود: كان محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- على طريق مستقيم يهتدي من اتبعه، وكان يأمر بالإخلاص والتوحيد والعمل الصالح الذي تُتقى به النار.
وقوله تعالى: ﴿أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى﴾. يعني أبا جهل، كذب بما جاء به رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من الحق وأعرض عن الإيمان.
وقوله تعالى: ﴿أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى﴾. أي: ألم يعلم بأن اللَّه مطلع على أحواله وسيجازيه بها، فواعجبًا كيف اجترأ على ما اجترأ عليه؟ !
وقوله تعالى: ﴿كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ﴾. كلّا: ردعٌ لأبي جهل عن معارضته محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- في عبادة ربه وأمره بعبادة الأصنام. والسفع في كلام العرب: القبض على الشيء وجذبه بشدة. والناصية شعر مقدم الرأس. والمقصود: لنأخذن بناصيته فتطوى مع قدميه فيطرح في النار.
قال ابن جرير: (قوله: ﴿كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ﴾ يقول: ليس كما قال إنه يطأ عنق محمد، يقول: لا يقدر على ذلك، ولا يصل إليه. يقول: لئن لم ينته أبو جهل عن محمد ﴿لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ﴾ يقول: لنأخذن بمقدم رأسه، فلنضمنه ولنذلنه. وقيل: إنما قيل: ﴿لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ﴾ والمعنى: لنسودن وجهه، فاكتفي بذكر الناصية من الوجه كله، إذ كانت الناصية في مقدم الوجه. وقيل: معنى ذلك: لنأخذن بناصيته إلى النار، كما قال: ﴿فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ﴾ [الرحمن: ٤١].
قال القرطبي: (فالآية -وإن كانت في أبي جهل- فهي عِظةٌ للناس، وتهديد لمن يمتنع أو يمنع غيره عن الطاعة).
وقوله تعالى: ﴿نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ﴾. قال ابن كثير: (يعني: ناصية أبي جهل كاذبةٌ في