اجترحوا من ظلم وآثام، وبما اكتسبوا من كفر وفجور وإجرام.
وقوله: ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾. أي: واللَّه ذو علم بمن أوبق نفسه بالكفر باللَّه ورسله وكان من الظالمين.
وقوله: ﴿قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ﴾. أي: قل يا محمد لهؤلاء اليهود: إن الموت الذي تكرهون تمنّيه وتحذرون وقوعه نازل بكم. وهو كقوله تعالى: ﴿أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ﴾ [النساء: ٧٨].
وقوله: ﴿ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ﴾. قال ابن جرير: (ثم يردّكم ربكم من بعد مماتكم إلى عالم الغيب والشهادة، عالم غيب السماوات والأرض، ﴿وَالشَّهَادَةِ﴾: يعني وما شهد فظهر لرأي العين، ولم يغب عن أبصار الناظرين).
وقوله: ﴿فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾. قال قتادة: (يقول: فيخبركم حينئذ ما كنتم في الدنيا تعملون من الأعمال، سيئها وحسنها، لأنه محيط بجميعها، ثم يجازيكم على ذلك المحسن بإحسانه، والمسيء بما هو أهله).
٩ - ١٠. قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٩) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٠)﴾.
في هذه الآيات: أمْرُ اللَّه تعالى عباده المؤمنين بالسعي إلى صلاة الجمعة إذا سمعوا النداء لها، والتبكير لسماع خطبتها، وترك البيع والشراء تعظيمًا لهذه الشعيرة العظيمة. وإباحةُ العودة بعد الصلاة إلى ابتغاء الرزق والفضل من اللَّه، والأمر بالتماس ذكره تعالى وتعظيم أمره دومًا، ففي ذلك الفلاح في الدنيا والآخرة.
فقوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾.
أمْرٌ بالمبادرة إلى صلاة الجمعة عند سماع النداء لها، وليس المقصود الهرولة إليها. قال قتادة: (والسعي يا ابن آدم أن تسعى بقلبك وعملك، وهو المضيّ إليها). وكان عمر يقرؤها: "فامضوا إلى ذكر اللَّه" - ذكره ابن جرير بإسناده.