أخرج الخطيب عن جابر، والديلمي عن عائشة، وأحمد عنها بسند حسن عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [بعثت بالحنيفية السمحة] (١).
وروى البخاري في كتاب الإيمان، باب: الدين يسر وقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أحب الدين إلى اللَّه تعالى الحنيفية السمحة"، وكذلك النسائي في "الإيمان وشرائعه" باب: الدين يسر، عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [إنّ الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة] (٢).
وقوله: ﴿وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ﴾. أي: ويفعلوا الصلوات على الوجه الذي يريده اللَّه، في أوقاتها، ويعطوا الزكاة المفروضة عند محلها.
وقوله: ﴿وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾. أي: إن ذلك الدين هو دين الملة القائمة المستقيمة، دين الأمة العادلة المعتدلة. قال قتادة: (﴿وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ هو الدين الذي بعث اللَّه به رسوله، وشرع لنفسه، ورضي به).
وقال الزجاج: (أي ذلك دين المِلّة المستقيمة). قال القرطبي: (و ﴿الْقَيِّمَةِ﴾ نعت لموصوف محذوف. أو يقال: دِين الأمة القيمة بالحق، أي: القائمة بالحق). قال: وقال الخليل: (﴿الْقَيِّمَةِ﴾ جمع القيم، والقيم والقائم واحد). وقال الفراء: (أضاف الدين إلى القيمة وهو نعته، لاختلاف اللفظين). وعنه أيضًا: (هو من باب إضافة الشيء إلى نفسه، ودخلت الهاء للمدح والمبالغة). وقيل: الهاء راجعة إلى الملة أو الشريعة. وقال محمد بن الأشعث الطالقاني: (﴿الْقَيِّمَةِ﴾ هاهنا: الكتب التي جرى ذكرها، والدين مضاف إليها).
قلت: فهذه الآية العظيمة تدل أن الدين يشمل الإيمان ولوازمه من الأعمال، وقد استدل بها أئمة كرام كالإمام الزهري والإمام الشافعي مؤكدين أن الأعمال داخلة في مفهوم الإيمان.
٦ - ٨. قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ
(٢) رواه البخاري (١/ ٨٧) في الإيمان، ورواه النسائي (٨/ ١٢١ - ١٢٢)، وهو حديث صحيح.