الْمَنْفُوشِ (٥) فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (٦) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (٧) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (٨) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (٩) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (١٠) نَارٌ حَامِيَةٌ (١١)}.
في هذه الآيات: تعظيمُ اللَّه أمر القارعة، تقرع العباد بأهوالها، ويكون الناس كالفراش المنتشر في أرض الحشر، والجبال كالصوف المنفوش المبعثر، فمن ثقلت موازينه كان في جنات النعيم، ومن خفت موازينه كان في نار الجحيم.
فقوله تعالى: ﴿الْقَارِعَةُ﴾. اسم من أسماء القيامة، سميت بذلك لأنها تقرع القلوب بالفزع، وتقرع أعداء اللَّه بالعذاب. قال ابن عباس: (﴿الْقَارِعَةُ﴾ من أسماء يوم القيامة، عَظَّمَهُ اللَّه وحذّره عباده). وقال قتادة: (﴿الْقَارِعَةُ﴾: الساعة). وقال وكيع: (سمعت أن القارعة والواقعة والحاقة: القيامة). قلت: وكذلك الطامّة والصّاخة والغاشية وغير ذلك من أسماء ونعوت القيامة.
وقوله تعالى: ﴿مَا الْقَارِعَةُ﴾. قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره معظِّمًا شأن القيامة والساعة التي يقرع العباد هولها، أي شيء القارعة، يعني بذلك: أي شيء الساعة التي يقرع الخلق هولها، أي ما أعظمها وأفظعها وأهولها).
وقوله تعالى: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ﴾. قال القاسمي: (تأكيد لهولها وفظاعتها، ببيان خروجها عن دائرة علوم الخلق على معنى أن عظم شأنها ومدى شدتها، بحيث لا تكاد تناله دراية أحد، حتى يدريك بها).
وقوله تعالى: ﴿يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ﴾. الفراش: هو الحشرة الطائرة المعروفة. والمبثوث: المنتشر. والمقصود: القارعة يوم يسير الناس على غير هدى في كل اتجاه لشدة الهول حتى يحشروا إلى الموقف. كما قال سبحانه: ﴿كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ﴾ [القمر: ٧].
وعن قتادة: (﴿يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ﴾ هذا الفراش الذي رأيتم يتهافت في النار). وقال ابن زيد: (هذا شَبَهٌ شبهه اللَّه. وكان بعض أهل العربية يقول: معنى ذلك: كغوغاء الجراد، يركب بعضه بعضًا، كذلك الناس يومئذ، يجول بعضهم في بعض).
وقوله تعالى: ﴿وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ﴾. العهن: الصوف.