على مَنْ تابَ". قال ثابت عن أنس عن أبَيّ: (كُنّا نُرَى هذا من القرآن حتى نزلت ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾)] (١).
قال ابن العربي: (وهذا نصّ صحيح مليح، غاب عن أهل التفسير فَجهِلوا وجَهَّلوا، والحمد للَّه على المعرفة). ومقصود كلام ابن العربي أن الحديث المتقدم ظنه بعض المفسرين من الآيات التي نسخت، وهو ليس بقرآن أصلًا، وإنما دل على ذلك نزول: ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [يقول العبد: مالي مالي! وإنما له من ماله ثلاثٌ: ما أكل فأفنى، أو لبس فأبلى، أو تَصَدَّق فاقتنى، وما سِوَى ذلك فذاهِبٌ وتارِكُهُ للناس] (٢).
وفي مسند أحمد وجامع الترمذي من حديث عبد اللَّه بن الشخير قال: [انتهيت إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو يقول: ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾، يقول ابنُ آدمَ: مالي مالي. وهل لك من مالِكَ إلا ما أكلتَ فأفنيتَ، أو لَبِسْتَ فأبليتَ، أو تصدَّقت فأمضيتَ] (٣).
وفي الصحيحين والمسند عن أنس أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [يَهْرَمُ ابن آدم وتبقى منه اثنتان: الحرصُ والأمل] (٤).
وقوله تعالى: ﴿حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾. أي: ما زلتم في الانشغال بالدنيا عن الآخرة حتى أدرككم الموت وأنتم على تلك الحال. قال ابن جرير: (وقوله: ﴿حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾ يعني: حتى صرتم إلى المقابر فدفنتم فيها، وفي هذا دليل على صحة القول بعذاب القبر، لأن اللَّه تعالى ذكره، أخبر عن هؤلاء القوم الذين ألهاهم التكاثر، أنهم سيعلمون ما يلقون إذا هم زاروا القبور وعيدًا منه لهم وتهدّدًا).
وقال النسفي: (﴿حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾ حتى أدرككم الموت على تلك الحال، أو حتى زرتم المقابر وعددتم من في المقابر من موتاكم).
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح (٢٩٥٩) ح (٤). - كتاب الزهد - من حديث أبي هريرة.
(٣) حديث صحيح. أخرجه أحمد (٤/ ٢٤)، والترمذي (٢٣٤٢)، (٣٣٥٤). والنسائي في "التفسير" (٧١٦)، وفي "السنن" (٣٦١٣). ورواه مسلم (٣/ ٢٩٥٨) بنحوه.
(٤) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح (٦٤٢١)، ومسلم (١٠٤٧)، ورواه أحمد في المسند (٣/ ١١٥)، ورواه أبو يعلى (٢٩٧٩).