يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ} أي: في إبطال وتضييع، لأنهم أرادوا أن يكيدوا قُريشًا بالقتل والسبي، والبيت بالتخريب والهدم).
وقوله تعالى: ﴿وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ﴾. أي: جماعات متفرقة. وهي طير سود جاءت من قبل البحر فوجًا فوجًا، مع كل طائر ثلاثة أحجار: حجران في رجليه، وحجر في منقاره، لا يصيب شيئًا إلا هشمه.
وعن ابن عباس: (قوله: ﴿وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ﴾ قال: هي التي يتبع بعضها بعضًا). وقال مجاهد: (هي شتى متتابعة مجتمعة). وقال قتادة: (الأبابيل: الكثيرة). وقال ابن زيد: (الأبابيل: المختلفة، تأتي من ها هنا، وتأتي من ها هنا، أتتهم من كل مكان). وقال أبو سلمة: (الأبابيل: الزمر). وعن عبيد بن عمير: (قوله: ﴿طَيْرًا أَبَابِيلَ﴾ قال: سود بحرية، في أظافيرها ومناقيرها الحجارة).
وقوله تعالى: ﴿تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ﴾. قال ابن عباس: (من طين. قال: طين في حجارة. قال: سجّيل بالفارسية: سنك وكل، حجر وطين). فهي من النوع الشديد الصلب.
وقال قتادة: (كانت مع كل طير ثلاثة أحجار: حجران في رجليه، وحجر في منقاره، فجعلت ترميهم بها). فلا يصيب بها شيئًا إلا هشمه.
وقوله تعالى: ﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ﴾. قال مجاهد: (ورق الحنطة). وقال قتادة: (هو التَّبْنُ). وقال الضحاك: (كزرع مأكول). وقال ابن زيد: (ورق الزرع وورق البقل، إذا أكلته البهائم فَراثَتْه فصار روثًا).
والمقصود: فجعلهم اللَّه كورق الزرع إذا أكلته الدواب فرمت به من أسفل. أو كورق زرع قد أكلت منه الدواب وبقي منه التبن.
قال ابن جرير: (فجعل اللَّه أصحاب الفيل كزرع أكلته الدواب فراثته، فيبس وتفرقت أجزاؤه. شبَّه تقطع أوصالهم بالعقوبة التي أنزلت بهم، وتفرق آراب أبدانهم بها، بتفرق أجزاء الروث، الذي حدث عن أكل الزرع).
أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [إن اللَّه حبس عن مكة