أولاد النضر بن كنانة ففيه خلاف، ومن كان من أولاد كنانة من غير النضر فليس بقرشي بلا نزاع) (١).
ويؤيد هذا ما روى مسلم في صحيحه عن واثلة بن الأسقع، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [إنَّ اللَّه تعالى اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم] (٢).
وقوله تعالى: ﴿إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ﴾. -إيلافهم- بدل من الأولى. فأطلق الإيلاف ثم أبدل عنه المقيد بالرحلتين تفخيمًا لأمر الإيلاف وتذكيرًا بعظيم تلك النعمة التي حباهم اللَّه بها، إذ كانوا يرحلون في الصيف إلى الشام وفي الشتاء إلى اليمن يتَّجِرون آمنين. قال ابن زيد: (كانت لهم رحلتان: الصيف إلى الشام، والشتاء إلى اليمن في التجارة، إذا كان الشتاء امتنع الشام منهم لمكان البرد، وكانت رحلتهم في الشتاء إلى اليمن).
وقوله تعالى: ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ﴾. أي فليوحّدوا رب هذا البيت وليفردوه بالعبادة والتعظيم، كما جعل لهم حرمًا آمنًا وبيتًا محرّمًا، كما قال تعالى: ﴿إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [النمل: ٩١]. وهو سبحانه إنما عرّفهم أنه ربّ هذا البيت، لأنه كانت لهم أوثان يعبدونها، فميّز تعالى نفسه عنها. وهم بالبيت قد تشرفوا على سائر العرب، ففي ذلك تنبيه لهم أن العراقة بالإيمان باللَّه رب هذا البيت الذي أسس على التوحيد لا بشرف المال والنسب.
وقوله: ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ﴾.
أي: فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم ورزقهم بدعوة أبيهم إبراهيم وبسبب هاتين الرحلتين فخلّصهم من جوع شديد.
وعن ابن عباس: (قوله: ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ﴾ يعني: قريشًا أهل مكة، بدعوة إبراهيم -صلى اللَّه عليه وسلم- حيث قال: ﴿وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ﴾ (إبراهيم: ٣٧]).
وقوله: ﴿وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾. أي: وآمنهم من القتل والسبي، وقد كانت العرب
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح -حديث رقم- (٢٢٧٦) - كتاب الفضائل. باب فضل نَسب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وتسليم الحجر عليه.