رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أعلمه له، قال: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ فذلك علامة أجلك ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾. فقال عمر بن الخطاب: لا أعلم منها إلا ما تقول] (١).
فكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يكثر بعد ذلك من التسبيح والاستغفار.
وأخرج البخاري كذلك في الباب عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: [أنَّ عمر رضي اللَّه عنه سألهم عَنْ قوله تعالى: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ قالوا: فَتْحُ المدائنِ والقُصور. قال: ما تقول يا ابنَ عباس؟ قال: أَجَلٌ أو مَثَلٌ ضُرِبَ لمحمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، نُعِيَتْ له نفسُهُ] (٢).
وقوله تعالى: ﴿وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا﴾. أي: جماعات كثيرة، فوجًا بعد فوج، بعد أن كانوا يدخلون فيه واحدًا واحدًا، واثنين اثنين، فصارت القبيلة تدخل بأسرها في الإسلام.
وفي صحيح البخاري من حديث عمرو بن سلمة قال: [لمّا كان الفتح بادرَ كُلُّ قوم بإسلامهم إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكانت الأحياء تَتَلَوَّمُ بإسلامها فتحَ مكة، يقولون: دعوه وقومَه، فإن ظهر عليهم فهو نبيّ..] الحديث (٣).
وفي رواية: [وكانت العرب تَلَوَّمُ بإسلامهم الفَتْحَ فيقولون: اتركوه وقَوْمَه فإنَّهُ إنْ ظَهَر عليهم فهو نبيٌّ صادق، فلما كانت وقعة أَهْلِ الفتح بادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بإسلامهم].
وقوله تعالى: ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾.
فيه الجمع بين تسبيح اللَّه، المؤذن بالتعجب مما يسَّره اللَّه له مما لم يكن يخطر بباله ولا بال أحد من الناس، وبين الحمد له على جميل صنعه له وعظيم منته عليه بالنصر والفتح لأم القرى ودخول الناس في الإسلام أفواجًا. ﴿وَاسْتَغْفِرْهُ﴾ أي: اطلب منه المغفرة لذنبك تواضعًا للَّه، واستقصارًا لعملك ﴿إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾ أي: إنه تعالى من شأنه التوبة على المستغفرين له، فهو يتوب على التائبين ويرحمهم بقبول توبتهم.
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح -حديث رقم- (٤٩٦٩) - كتاب التفسير، عند هذه الآية من سورة النصر من حديث ابن عباس.
(٣) حديث صحيح. وهو جزء من حديث أخرجه البخاري في الصحيح -حديث رقم- (٤٣٠٢) - كتاب المغازي، من حديث عمرو بن سلمة.