وقال الزهري: (الشمس إذا غربت). وقال مجاهد: (غاسق الليل إذا وقب غروب الشمس).
الثالث: الغاسق هو كوكب الثريا.
قال ابن زيد: (كانت العرب تقول: الغاسق: سقوط الثريا، وكانت الأسقام والطواعين تكثر عند وقوعها، وترتفع عند طلوعها).
وقال أبو المهزم عن أبي هريرة: (ومن شر غاسق إذا وقب: الكوكب).
الرابع: قيل بل الغاسق هو القمر.
فقد أخرج الإمام أحمد والترمذي والحاكم بسند صحيح عن عائشة رضي اللَّه عنها: [أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أخذ بيدها فأشار بها إلى القمر فقال: يا عائشة! استعيذي باللَّه من شرِّ هذا، فإن هذا هو الغاسِقُ إذا وقبَ. يعني القمر] (١).
وفي لفظ للترمذي: [استعيذي باللَّه من هذا (يعني القمر)، فإنه الغاسق إذا وقب].
قال الألباني: (وفي الحديث دلالة على جواز الإشارة باليد إلى القمر خلافًا لما نقل عن بعض المشايخ من كراهة ذلك، والحديث يرد عليه).
ولفظ أحمد عنها قالت: [أخذ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بيدي فأراني القمر حين طلع وقال: تعوذي باللَّه من شر هذا الغاسق إذا وقب]. ولفظ النسائي: [تعوذي باللَّه من شر هذا، هذا الغاسق إذا وقب].
قلت: ويمكن الجمع بين هذه التفاسير وجعل عمدتها حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإن القمر أكبر آية من آيات الليل، وتليه الكواكب والنجوم التي تظهر بعد غروب الشمس، فإذا دخل الليل وذهب النهار تعاقبت هذه الآيات بالظهور، فجاء الأمر من اللَّه بالاستعاذة من هذا الغاسق إذا دخل وأقبل وما يصاحب ذلك من حركة شياطين الإنس والجن بالمعاصي والفواحش.
ثم قال سبحانه: ﴿وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَد﴾. وفيه أقوال متكاملة:
الأول: المراد الرقى من طريق السحر. قال ابن عباس: ({وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي

(١) حديث صحيح. أخرجه الترمذي (٢/ ٢٤١)، وأحمد (٦/ ٦١)، والحاكم (٢/ ٥٤٠).


الصفحة التالية
Icon