وكذلك في صحيح الإمام مسلم من حديث عثمان بن أبي العاص رضي اللَّه عنه قال: قلت: يا رسول اللَّه إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [ذلكَ شيطانٌ يقال له خِنْزَب، فإذا أحسسته فتعوذ باللَّه منه، واتفل عن يسارك ثلاثًا] (١). قال: ففعلت ذلك فأذهبه اللَّه تعالى عني.
ولذلك قال اللَّه في سورة "فصلت": ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾.
وهذا نبينا -صلى اللَّه عليه وسلم- عرض له الشيطان أثناء صلاته فاستعاذ باللَّه منه فأمكنه اللَّه منه.
روى مسلم عن أبي الدرداء رضي اللَّه عنه قال: [قام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلي فسمعناه يقول: أعوذ باللَّه منك، ثم قال: ألعنُك بلعنة اللَّه ثلاثًا، وبسط يده كأنه يتناول شَيئًا، فلما فرغ من الصلاة قلنا: يا رسول اللَّه، سمعناك تقول في الصلاة شيئًا لم نسمعك تقوله قبل ذلك، ورأيناك بسطت يدك، قال: إن عَدُوَّ اللَّه إبليس جاء بشهابٍ من نار ليجعله في وجهي، فقلت: أعوذُ باللَّه منك ثلاث مرات، ثم قلت: ألعنُك بلعنة اللَّه التامة، فاستأخر ثلاثَ مرات، ثم أردت أن آخذه، واللَّه لولا دعوةُ أخي سليمان لأصبح مُوثقًا تلعب به ولدان أهل المدينة] (٢).
ورواه البخاري بلفظ آخر من حديث أبي هريرة وفيه: [إن الشيطان عَرَض لي فَشَدَّ علي ليقطع الصلاة على، فأمكنني اللَّه تعالى منه فَذَعْتُهُ -أي خنقته- ولقد هممت أن أوثِقَهُ إلى سارية حتى تُصبحُوا فتنظروا إليه فذكرتُ قولَ سليمان: ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي﴾ فرده اللَّه خاسئًا] (٣).
ثانيًا - يعرض له بطريق الإسلام والهجرة والجهاد لتخور عزائمه بوساوسه فيركن إلى الدنيا.
يروي الإمام أحمد في المسند بإسناد صحيح عن سبرة بن أبي فاكه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم في صحيحه -حديث رقم- (٥٤٢)، كتاب المساجد، باب جواز لعن الشيطان في أثناء الصلاة والتعوذ منه، وجواز العمل القليل في الصلاة.
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٦١) كتاب الصلاة. وكذلك (٣٢٨٤) كتاب بدء الخلق.