قال: عبد اللَّه بن أبي. قال: وما قال؟ قال: زعم أنه إن رجع إلى المدينة ليُخرجن الأعز منها الأذل. قال: فأنت يا رسول اللَّه واللَّه تُخْرِجه منها إن شئت، هو واللَّه الذليل وأنت العزيز، ثم قال: يا رسول اللَّه، ارفق به، فواللَّه لقد جاءنا اللَّه بك، وإن قومَهُ ليَنْظُمون له الخرَزَ ليتوّجوه، فإنه ليرى أنك قد استلبتَهُ مُلكًا.
ثم مشى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالناس يومَهُم حتى أمسى، ولَيْلَتَهُم حتى أصبح، وصَدْرَ يومهم ذلكَ حتى آذتهم الشمس، ثم نزل بالناس، فلم يلبثوا أن وَجدوا مسّ الأرض فوقعوا نيامًا، وإنما فعل ذلك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ليشغل الناس عن الحديث الذي كان بالأمس من حديث عبد اللَّه بن أبي) (١).
وقوله: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾. أي: وللَّه ﴿الْعِزَّةُ﴾ يعني الشدة والقوة، وكذلك لرسوله وللمؤمنين باللَّه، ولكن المنافقين لا يعلمون ذلك.
٩ - ١١. قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (٩) وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١١)﴾.
في هذه الآيات: تحذيرُ اللَّه تعالى المؤمنين من سبيل النفاق والمنافقين، والأمر بالإنفاق في سبيل اللَّه لإعتاق النفوس من الجحيم، ولا يؤخر اللَّه نفسًا إذا جاء أجلها واللَّه بكل شيء عليم.
فعن الضحاك: (قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ﴾ قال: الصلوات الخمس). وقيل: ﴿عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ﴾ أي عن الحج والزكاة. وقيل: عن قراءة القرآن. وقيل: عن إدامة الذكر. وقال الحسن: (جميع الفرائض، كأنه قال عن طاعة اللَّه). وهذا القول يشمل جميع ما قبله.

(١) انظر سيرة ابن هشام (٢/ ٢٩٠ - ٢٩٢) وهو حديث رجاله ثقات لكنه مرسل، وله شاهد مرسل جيد من طريق عروة عند ابن أبي حاتم، فيكون حسنًا لغيره مع أصله الذي مضى في الصحيحين. انظر كتابي: السيرة النبوية على منهج الوحيين (٢/ ٨٤٧).


الصفحة التالية
Icon