خلق الكافر، وكُفْرُهُ فِعْلٌ له وكسب، مع أن اللَّه خالق الكفر. وخلق المؤمن، وإيمانه فعلٌ له وكسب، مع أن اللَّه خالق الإيمان).
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ﴾ [الأنعام: ٥٣].
٢ - وقال تعالى: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (٨) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (٩) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾ [الشمس: ٧ - ١٠].
ومن صحيح السنة العطرة في آفاق هذه الآية أحاديث:
الحديث الأول: أخرج الطبراني بسند حسن عن عبد اللَّه بن مسعود مرفوعًا: [خلقَ اللَّه يحيى بن زكريا في بطن أمه مؤمنًا، وخلق فرعون في بطن أمه كافرًا] (١).
الحديث الثاني: أخرج أحمد في المسند، وابن سعد في "الطبقات" بسند صحيح عن عبد الرحمن بن قتادة السلمي -وكان من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرفوعًا: [إن اللَّه عزَّ وجل خلق آدم، ثم أخذ الخلق من ظهره، وقال: هؤلاء إلى الجنة ولا أبالي، وهؤلاء إلى النار ولا أبالي. فقال قائل: يا رسول اللَّه فعلى ماذا نعمل؟ قال: على مواقع القدر] (٢).
وله شاهد في المسند وزوائد المسند بإسناد صحيح عن أبي الدرداء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [خلق اللَّه آدم حين خلقه فضرب كتفه اليمنى، فأخرج ذرية بيضاء كأنهم الذر، وضرب كتفه اليسرى، فأخرج ذرية سوداء كأنهم الحمم، فقال للذي في يمينه: إلى الجنة ولا أبالي، وقال للذي في كتفه اليسرى: إلى النار ولا أبالي] (٣).
الحديث الثالث: أخرج البخاري ومسلم من حديث عبد اللَّه بن مسعود مرفوعًا: [إن أحدكم أو الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها غيرُ ذراعٍ أو باعٍ، فَيَسْبِقُ عليه الكتاب فيعملُ بِعَمَلِ أهلِ الجنة فيدخُلُها، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعملِ أهل
(٢) حديث صحيح. أخرجه أحمد (٤/ ١٨٦)، وابن سعد (١/ ٣٠)، وابن حبان (١٨٠٦)، وغيرهم.
(٣) رواه أحمد وابنه في زوائد "المسند" (٦/ ٤٤١)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (ج ١٥/ ١٣٦/ ١)، وإسناده صحيح. وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (٤٩).