خَبِيرٌ (٨) يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٩) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٠)}.
في هذه الآيات: استبعادُ الكفار البعث والحساب، وتأكيدُ اللَّه تعالى الجزاء والعقاب، ودعوة اللَّه عباده إلى الصدق في الإيمان، والاستعداد ليوم الشدة والزحام، فالمؤمنون في جنات النعيم، والكفار مخلدون في الجحيم.
فقوله: ﴿زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا﴾. أي ظنوا أنهم لا يبعثون بعد موتهم. قال القرطبي: (والزَّعم هو القول بالظن). وقال شُريح: (لكل شيء كُنْية، وكُنْيَةُ الكذب زعموا).
وقوله: ﴿قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ﴾. أي: قل يا محمد لهؤلاء المنكرين للبعث بعد الموت: بلى وربّي لتخرجن من قبوركم أحياء، ثم لتخبرن بما أسلفتم من أعمال أيام دنياكم.
وقوله: ﴿وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾. أي: وبعثكم ومجازاتكم هين على اللَّه تعالى. وهذه ثالث آية أمر اللَّه رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يقسم بربه عز وجل على وقوع المعاد تأكيدًا لذلك، وتشديدًا في لهجة الإثبات أمام زعم المشركين. وهذه الآيات:
١ - قال تعالى: ﴿وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾ [يونس: ٥٣].
٢ - وقال تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ﴾ [سبأ: ٣].
٣ - وقال تعالى: ﴿زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ [التغابن: ٧].
وقوله: ﴿فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾. أمرهم بالإيمان باللَّه تعالى ورسوله محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد أن عرفهم قيام الساعة وهدّدهم موقف العرض والحساب.