وقوله: ﴿وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا﴾. يعني القرآن. فهو نور يهدي به اللَّه قلوب العباد، وهو نور يُهتدى به من ظلمة الضلال إلى سبيل النجاة والرشاد.
وقوله: ﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾. أي: فلا تخفى عليه سرائركم وعلانيتكم.
وقوله: ﴿يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ﴾. قال ابن كثير: (وهو يومُ القيامة، سُمِّيَ بذلك لأنه يُجْمَعُ فيه الأوّلون والآخرون في صعيد واحدٍ، يُسْمِعُهم الداعي وينفذهم البَصَر، كما قال تعالى: ﴿ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ﴾ [هود: ١٠٣]. وقال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (٤٩) لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ﴾ [الواقعة: ٤٩ - ٥٠]).
وقوله: ﴿ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ﴾. قال ابن عباس: (هو اسم من أسماء يوم القيامة، عظّمهُ وحذّره عباده). وقال قتادة: (﴿يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ﴾ هو يوم القيامة، وهو يوم التغابن: يوم غبن أهل الجنة أهل النار). وقال مقاتل: (لا غَبْنَ أعظمُ من أن يدخل هؤلاء إلى الجنة ويُذهب بأولئك إلى النار).
قلت: والتغابن في لغة العرب يحمل معنى الذهول، فأهل الجنة يذهلون يوم القيامة من حال أهل النار الذي صاروا إليه، فإطلاق اسم ﴿التَّغَابُنِ﴾ على يوم القيامة هو من باب التهويل والتحذير من أهوال ذلك اليوم.
وقوله: ﴿وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾. أي: ومن يَصْدُق اللَّه الإيمان والعمل يمح عنه ذنوبه ويدخله بساتين الخلود تجري من تحت أشجارها وغرفها الأنهار وذلك هو الظفر العظيم.
وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾. أي: والذين جحدوا توحيد اللَّه وإفراده بالتعظيم، وكذبوا بكتابه ورسوله أولئك أهل النار يمكثون فيها ولا يخرجون منها، فبئس المستقر وساء المنقلب والمآل والقرار.
١١ - ١٣. قوله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١١) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا


الصفحة التالية
Icon