عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (١٢) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١٣)}.
في هذه الآيات: إثباتُ حدوث المصائب بأمر اللَّه، وإثباتُ أمر الهداية للمؤمنين والتوفيق بإذن اللَّه، والأمر بطاعة اللَّه ورسوله والتوكل على اللَّه.
فقوله تعالى: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾. قال ابن عباس: (بأمر اللَّه، يعني عن قَدَره ومشيئته). وقال القرطبي: (﴿إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ أي بإرادته وقضائه).
وقوله: ﴿وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾. قال ابن عباس: (يعني: يهد قلبه لليقين، فيعلم أنَّ ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه). وعن الأعمش، عن أبي ظبيان قال: كنا عند علقمة، فَقُرِئ عنده هذه الآية: ﴿وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾ فَسُئل عن ذلك فقال: (هو الرجل تصيبه المصيبة، فيعلم أنها من عند اللَّه، فيسلم ذلك ويرضى) - رواه ابن جرير.
وقال سعيد بن جبير: (﴿وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾، يعني: يسترجع، يقول: ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ [البقرة: ١٥٦]).
والمقصود: من نزلت به مصيبة فصبر واسترجع طمأن اللَّه قلبه وعوضه خيرًا منها. كما قال تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (١٥٥) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (١٥٦) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ [البقرة: ١٥٥ - ١٥٧].
ومن كنوز السنة العطرة في آفاق هذه الآية أحاديث:
الحديث الأول: روى مسلم في صحيحه، وأحمد في مسنده عن أم سلمة رضي اللَّه عنها قالت: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: [ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره اللَّه: ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرًا منها إلا أخلف اللَّه له خيرًا منها. قالت: فلما مات أبو سلمة قلت: أي المسلمين خير من أبي سلمة، أول بيت هاجر إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ ثم إني قلتها، فأخلف اللَّه لي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-] (١).
الحديث الثاني: أخرج الدارمي وأحمد بسند صحيح عن صهيب قال: [بينا