أقرأ القرآن على سبعة أحرف".
ومعلومٌ أن تماريهم فيما تماروا فيه من ذلك لو كان تماريًا واختلافًا فيما دلّت عليه تلاواتهم من التحليل والتحريم، والوعد والوعيد، وما أشبه ذلك لكان مستحيلا أن يصوبهم جميعا، ويأمر كل قارئ أن يلزم قراءته في ذلك على النحو الذي هو عليه". واختاره من المتأخرين الشيخ محمد أبو زهرة (١) - رحمه الله - من المتأخرين وغيرهم.
قلت: ويؤيّد ما ذهب إليه الإمام الطبري فعلُ أمير المؤمنين عثمان كما ذكر قبل، وكذلك ما روى البخاري عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال: أُبيٌّ أقرؤنا، وإنا لنرغب عن كثير من لحنه" (٢)، أي: لغته (٣).
ومن الأقوال في هذا المذهب: أن الأحرف هي هذه القراءات السبع، وهذا القولُ أسقطُها وأوهاها، وإنما سبَّع ابن مجاهد السبعة، وهو أوّل من سبّع ليكون ذلك موافقا لعدد الحروف لا لاعتقاده أنّ هذه هي الحروف السبعة كما قال شيخ الإسلام (٤) وغيره.
ومن الأقوال أن مفهوم العدد غير مراد، بل المراد التيسير والتسهيل والسعة. وقالوا: تطلق السبعة في اللغة العربية مبالغة لعدد القلة الآحاد، والسبعين للعشرات، والسبعمائة للمئات، كل ذلك على سبيل المبالغة.
_________
(١) المعجزة الكبرى (ص ٤٧)
(٢) انظر: فتح الباري (٨/ ٦٦٤)، البخاري في صحيحه (فضائل القرآن).
(٣) النهاية في غريب الحديث لابن الأثير (٤/ ٢٠٨).
(٤) مجموع الفتاوى (١٣/ ٣٩٠)، وفتح الباري (٨/ ٦٤٧).