وعظمته من غير تعطيل ولا تشبيه ولا تمثيل ولا تكييف، ومن تلك الصفات: صفة المكر، فهي وإن كانت من الصفات المذمومة في حق البشر، فلا يقتضي ذلك نفيها عن الله- ¸-.
قال ابن القيم: "لا ريب أن هذه المعاني يُذمُّ بها كثيراً، فيقال: "فلان صاحب مكرٍ وخداعٍ وكيدٍ واستهزاء"، ولا تكاد تُطلق على سبيل المدح، بخلاف أضدادها، وهذا هو الذي غرّ من جعلها مجازًا في حق من يتعالى ويتقدس عن كل عيبٍ وذم.
والصّواب أن معانيها تنقسم إلى محمودٍ ومذموم... فلما كان غالب استعمال هذه الألفاظ في المعاني المذمومة ظنّ المعطلون أن ذلك هو حقيقتها فإذا أُطلقت لغير الذم كان مجازًا (١)، والحق خلاف هذا الظن، وأنها منقسمة إلى محمود ومذموم: فما كان منها متضمنًا للكذب والظلم فهو مذموم، وما كان منها بحقٍ وعدلٍ ومجازاةٍ على القبيح فهو حسنٌ محمود، فإن المخادِع إذا خادع بباطلٍ وظلم، حسُن من المُجازِي له أن يخدعه بحقٍ وعدل، وكذلك إذا مكر واستهزأ ظالمًا متعديًا كان المكر به والاستهزاء عدلًا حسنا" (٢).
_________
(١) المجاز: "ما أريد به غير المعنى الموضوع له في أصل اللغة". المثل السائر (١/ ٧٤).
(٢) مختصر الصواعق المرسلة، لمحمد البعلي (ص: ٣٠٥).