المطلب الثالث
الجهل بالتفسير اللغوي
" لا يخفى أن المعرفة بالألفاظ المفردة هي الخطوة الأولى في فهم الكلام، وبعض الجهل بالجزء يفضي إلى زيادة جهلٍ بالمجموع، وإنما يسلم المرء عن الخطأ إذا سدّ جميع أبوابه، فمن لم يتبيّن معنى الألفاظ المفردة من القرآن أَغلق عليه باب التدبر، وأَشكل عليه فهم الجملة، وخَفي عنه نظم الآيات والسورة، ولو كان الضرر عدم الفهم لكان يسيرًا، ولكنه أكثر وأفظع؛ وذلك بأن المرء قلّ ما يقف على جهله، بل يتجاوز موقفه فيتوهم من اللفظ ضد ما أريد، فيذهب إلى خلاف الجهة المقصودة، ثم سوء فهم الكلمة ليس بأمر هيّن، فإنه يتجاوز إلى إساءة فهم الكلام وكل ما يدل عليه من العلوم والحكم، فإن أجزاء الكلام يبيّن بعضها بعضاً للزوم التوافق بينها... " (١).
قال ابن تيمية: " فمعرفة العربية التي خوطبنا بها مما يعين على أن نفقه مراد الله ورسوله بكلامه، وكذلك معرفة دلالة الألفاظ على المعاني؛ فإن عامة ضلال أهل البدع كان بهذا السبب؛ فإنهم صاروا يحملون كلام الله ورسوله على ما يدّعون أنه دال عليه ولا يكون الأمر كذلك" (٢).
قال الشاطبي: "كل معنىً مستنبطٍ من القرآن غير جارٍ على اللسان العربي، فليس من علوم القرآن في شيء، لا مما يستفاد منه، ولا مما يستفاد به، ومن ادعى فيه الموافقات ذلك؛ فهو في دعواه مبطل" (٣).
_________
(١) مفردات القرآن، للفراهي (ص: ٩٥).
(٢) مجموع الفتاوى (٧/ ١١٦).
(٣) الموافقات (٤/ ٢٢٤، ٢٢٥).


الصفحة التالية
Icon