قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} [سورة الأنعام: ١٩] " (١).
وقد بوَّب البخاري في صحيحه بابًا فقال: "باب ﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ﴾ (٢)، فسمَّى الله تعالى نفسه شيئا، وسمَّى النبي - ﷺ - القرآن شيئًا، وهو صفةٌ من صفات الله، وقال: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾ (٣) " (٤).
النموذج الثاني: [المعتزلة ينفون عن الله خلق الشر]
في قوله تعالى: ﴿مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (٢)﴾ (٥).
"قرأ بعض المعتزلة (٦) القائلين: بأن الله لم يخلق الشر: (من شرٍ ما خلق)، بتنوين
_________
(١) شرح السنة، للبغوي (١/ ١٧٢).
(٢) سورة الأنعام: ١٩.
(٣) سورة القصص: ٨٨.
(٤) صحيح البخاري، باب ﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ﴾، (٩/ ١٢٤).
قال ابن بطال: "قال عبد العزيز صاحب كتاب الحيدة: إنما سمى الله نفسه شيئًا إثباتًا للوجود ونفيًا للعدم، وكذلك أجرى على كلامه ما أجراه على نفسه فلم يتسم بالشيء ولم يجعل الشيء من أسمائه، ولكنه دل على نفسه أنه شيء أكبر الأشياء... ثم عدد أسماءه في كتابه فلم يتَسمّ ب (الشيء)، ولم يجعله من أسمائه... ". شرح صحيح البخاري، لابن بطال (١٠/ ٤٤٣، ٤٤٤).
(٥) سورة الفلق: ٢.
(٦) المعتزلة: فرقة إسلامية نشأت في أواخر العصر الأموي وازدهرت في العصر العباسي، على يد واصل بن عطاء المتوفى سنة ١٣١ هـ، وقد اعتمدت على العقل المجرد في فهم العقيدة الإسلامية لتأثرها ببعض الفلسفات المستوردة مما أدى إلى انحرافها عن عقيدة أهل السنة والجماعة. وقد أطلق عليها أسماء مختلفة منها: المعتزلة، والقدرية، وأهل العدل والتوحيد، والوعيدية، من اعتقاداتهم: نفي رؤية الله تعالى بالأبصار في دار القرار، وأن العبد خالق لأفعاله خيرها وشرها، والرب تعالى منزه أن يضاف إليه شر وظلم. يُنظر: الملل والنحل (١/ ٤٣)، والموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة (١/ ٦٤).


الصفحة التالية
Icon