المطلب الأول
إعمال الرسول - ﷺ - وسلف الأمة التفسير بالبيان المتّصل
أولًا: إعمال الرسول - ﷺ - التفسير بالبيان المتّصل:
ورد عن رسول الله - ﷺ - استشهاده بما اتَّصل من الآي؛ ليكون تفسيرًا لها، وهو رغم قلته إلا أنه يُعدُّ منهجا نبويًا إذا دعت الحاجة للإيضاح، وفيما يلي نورد بعض الأمثلة:
أولا: عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - (١)، قال: أخبرتني أم مبشر - رضي الله عنها - (٢)، أنها سمعت النبي - ﷺ -، يقول عند حفصة - رضي الله عنها -: "لا يَدْخُلُ النَّارَ -إن شاء الله- مِن أَصْحَابِ الشَّجَرةِ أحدٌ، مِنَ الَّذِينَ بايَعُوا تَحتَها"، قالت: بلى يا رسول الله، فانتهرها، فقالت حفصة - رضي الله عنها -: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا﴾ (٣)، فقال النبي - ﷺ -: "قَدْ قَالَ الله - عز وجل -: ﴿ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا﴾ " (٤).
فحفصة - رضي الله عنها - اكتفت بالآية الأولى، لتفهم من خلالها أن جميع الناس سيدخلون النار، ولكن الرسول - ﷺ - استعان في تفسيره بما جاء من البيان المتَّصل بعد الآية مباشرةً؛ ليفهم من ذلك نجاة المتقين...
_________
(١) هو أبو عبد الله جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري السلمي، صحابي ابن صحابي، من المكثرين في الحديث، الحافظين للسنن، شهد العقبة الثانية مع أبيه وهو صغير غزا تسع عشرة غزوة، ومات بالمدينة عام ٧٨ هـ، وقيل غير ذلك. يُنظر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب، لابن عبد البر (١/ ٢٢٠)، وأسد الغابة في معرفة الصحابة، لابن الأثير (١/ ٤٩٢).
(٢) هي أم مبشر بنت البراء بن معرور الأنصارية الخزرجية، قيل: إنها زوج زيد بن حارثة، وقيل: غيرها، روى عنها جابر بن عبد الله، وغيره، وروت عن رسول الله ﷺ أحاديث، ولم أقف على سنة وفاتها. يُنظر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب (١/ ١٥٢)، وأسد الغابة (٧/ ٣٨٠).
(٣) سورة مريم: ٧١.
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب من فضائل أصحاب الشجرة أهل البيعة (٤/ ١٩٤٢)، رقم الحديث]: ٢٤٩٦ [.