وقد جاء هذا الأسلوب كثيرًا في قَصَص القرآن، ففي قصّة لوط - عليه السلام - يبدأ بنهاية القصة وما حاق بهم من العذاب: ﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (٣٣) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ﴾ (١).
ثم يعود إلى تفصيل الأحداث: ﴿وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ (٣٦) وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ﴾ (٢)... " (٣).
الثاني: تفصيل كلامٍ مجمل.
فيذكر الكلام على سبيل الإجمال، ثم يُتبع بذكر بعض التّفاصيل حسبما يقتضيه المقام (٤).
ومنه قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٣٤) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (٣٥)﴾ (٥).
فالمبيّن: ﴿عذاب أليم﴾.
والبيان المتَّصل: ﴿يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ﴾ (٦).
_________
(١) سورة القمر: ٣٣ - ٣٤.
(٢) سورة القمر: ٣٦ - ٣٧.
(٣) تفسير الشعراوي (١٥/ ٩٤٢٠).
(٤) ولعل هذا النوع يدخل فيه ما يكون من قبيل البسط، حيث عرفه ابن أبي الإصبع بقوله: "البسط نقل المعنى من الإيجاز إلى الإطناب بسبب بسط العبارة عنه، وإن لم يستقص كل ما يكون من لوازمه". تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر (ص: ٥٤٩).
(٥) سورة التوبة: ٣٤ - ٣٥.
(٦) سورة التوبة: ٣٥.