في الآية التالية، وهم الذين يصلّون، لا يريدون الله - عز وجل - بصلاتهم، وهم في صلاتهم لاهون يتغافلون عنها، بتضييعها أحيانًا، وتضييع وقتها أخرى، وهم يراءون الناس بصلاتهم إذا صلّوا، لأنهم لا يصلّون رغبة في ثوابٍ، ولا رهبةً من عقاب، وإنما يصلونها ليراهم المؤمنون فيظنونهم منهم، فيكفون عن سفك دمائهم وسبي ذراريهم، وهم المنافقون الذين كانوا على عهد رسول الله - ﷺ - يستبطنون الكفر ويُظهرون الإسلام.
ومن صفتهم أنهم يمنعون الناس ما يتعاونونه بينهم، ويمنعون أهل الحاجة والمسكنة ما أوجب الله لهم في أموالهم من الحقوق؛ لأن كل ذلك من المنافع التي ينتفع بها الناس بعضهم من بعض (١).
الثالث: التّخصيص بالشرط:
ويقصد به الشرط اللُّغوي وهو: ما دخل عليه أحد الحرفين: "إنْ" أو "إذا" أو ما يقوم مقامهما، مما يدل على سببية الأول، ومسببية الثاني (٢).
نحو قوله تعالى: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢)﴾ (٣).
المبيَّن: ﴿وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ﴾.
البيان المتَّصل: ﴿إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾.
_________
(١) جامع البيان (٢٤/ ٦٣٠ - ٦٤٢) باختصار، وتصرف يسير.
(٢) إرشاد الفحول (٢/ ٤٣).
"والشرط يكون على أنواع، فقد يكون شرعيا، وقد يكون عقليا، وقد يكون لغويا.. "، للاستزادة يُنظر: الإبهاج في شرح المنهاج، للسبكي (٢/ ١٥٨).
(٣) سورة النور: ٢.