يَعْلَمُونَ (١٠٢)} (١).
فصّل الطبري الأقوال وفندها، ورجح أن "ما" التي في قوله: ﴿وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ﴾، موصولة بمعنى "الذي"، و ﴿هَارُوتَ وَمَارُوتَ﴾ إما أن يكونا بدلًا من الملكين وترجمةً عنهما، أو بدلًا من "النّاس" في قوله: ﴿يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ﴾، ثم رجّح أن "هاروت وماروت" مترجمٌ بهما عن أقرب مذكور، وهو الملكين، ولذلك فُتحت أواخر أسمائهما، لأنهما في موضع خفض على الرد على "الملكين" (٢).
فالراجح كون هاروت وماروت تفسيرًا للملكين، وذلك للمحافظة على اتصال معاني الكلام وتناسقها لما قبلها.
النموذج الثاني:
في قوله تعالى: ﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ......... إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (٨) يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (٩)﴾ (٣).
فقد اختلف أهل التأويل في الهاء التي في قوله: ﴿إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ﴾ على ما هي عائدةٌ، فقال بعضهم: هي عائدةٌ على الماء، وقيل: عائدةٌ على الإنسان، وأورد الطّبري أقوال العلماء في معنى الآية، ثم رجّح قول من قال: "معنى ذلك: إن الله على ردّ الإنسان المخلوق من ماء دافق من بعد مماته حيًّا، كهيئته قبل مماته لقادر" (٤).
قال: "وإنما قلت: هذا أولى الأقوال في ذلك بالصواب؛ لقوله: ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾، فكان في إتباعه قوله: ﴿إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ﴾ نبأً من أنباء القيامة، دلالةٌ على أن السّابق قبلها
_________
(١) سورة البقرة: ١٠٢.
(٢) يُنظر: جامع البيان (٢/ ٤٢٤ - ٤٢٦) بتصرف يسير.
(٣) سورة الطارق: ٨ - ٩.
(٤) جامع البيان (٢٤/ ٣٥٨).
لتفاصيل أقوال العلماء في معنى الآية، يُنظر: المرجع السابق (٢٤/ ٣٥٦، ٣٥٧، ٣٥٨).