ثانياً: قلة الاختلاف عند الصحابة والتابعين.
ومن الأمور التي تميز بها اختلاف الصحابة والتابعين - رضي الله عنهم - أنه كان قليلاً؛ مقارنةً بالاختلاف الذي حصل بعد ذلك، وهذا عام في جميع العلوم كالحديث والفقه، لكنه في تفسير القرآن الكريم أقل، وقد ذكر ابن تيمية أن الاختلاف بين الصحابة في التفسير قليل جداً، وهو بين التابعين أكثر، إلا أنه أيضاً قليل إذا قورن بالخلاف الذي حدث بعد ذلك، وذكر أن اختلاف السلف في الأحكام أكثر من اختلافهم في التفسير (١).
وهناك أسباب أدت إلى قلة اختلاف الصحابة والتابعين في التفسير، ومن أهمها (٢):
١ - وهو سبب يختص به الصحابة - رضي الله عنهم -، فوجود النبي - ﷺ - بينهم، وقيامه ببيان القرآن الكريم، ومشاهدتهم التنزيل، ثم احتكامهم إلى النبي - ﷺ - عند الاختلاف؛ كل ذلك أسهم في قلة الاختلاف بينهم.
٢ - كراهيتهم للاختلاف عامة وبغضهم له ونهيهم عنه، وسيأتي تفصيل ذلك.
_________
(١) مجموع الفتاوى (١٣/ ٣٣٢ - ٣٣٣).
(٢) انظر في هذه الأسباب: فتح الباري لابن حجر (١١/ ٣٠٧)، وأسباب اختلاف المفسرين د. محمد الشايع (ص ٨ - ٩)، والتفسير في عصر الصحابة (مصادره ومزاياه) (ص ٢١٦).


الصفحة التالية
Icon