بهم، ولا يكتمون الله حديثاً» (١).
كما ردوا عليهم فهمهم واستدلالهم بالقرآن، ومن أمثلته ما وقع لجابر بن عبد الله - رضي الله عنه -، فقد جاءه نفر من الخوارج، وهو يحدث بخروج عصاة الموحدين من النار فاعترضوا عليه، واستدلوا على تخليدهم في النار بقوله تعالى: ﴿إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ﴾ (٢)، وقوله: ﴿كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا﴾ (٣)، فرد عليهم جابر، وبيَّنَ خطأ استدلالهم (٤)، وسيأتي حديث مفصل عن هذه القضايا وغيرها في المبحث المخصص لذلك.
ثانياً: مخالطة أهل الكتاب.
نزح بعض اليهود إلى الجزيرة العربية، وأقام كثير منهم في المدينة وما حولها، وقدموا بعلومهم وكتبهم، وفيها تفاصيل لأخبار أنبيائهم وما وقع لهم، وبحكم مجاورتهم للعرب الأميين كان أهل الكتاب يقرؤون ما في كتبهم المشتملة على الغرائب والعجائب والتفاصيل الدقيقة مما يستظرفه أكثر الناس ويرغبون سماعه، وقد جاء في الأخبار أن اليهود كانوا يقرؤون تلك الأخبار على المسلمين، فعن أبي
_________
(١) جامع البيان (٧/ ٤٣ - ٤٤)، وأخرجه الحاكم في المستدرك (٢/ ٣٠٦ - ٣٠٧) مختصراً.
(٢) سورة آل عمران من الآية (١٩٢).
(٣) سورة السجدة من الآية (٢٠).
(٤) صحيح مسلم، كتاب الإيمان (١/ ١٧٩) برقم (١٩١).


الصفحة التالية
Icon