هريرة - رضي الله عنه - قال: «كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية، ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام، فقال رسول الله - ﷺ -: «لا تصدقوا أهل الكتاب، ولا تكذبوهم وقولوا: ﴿آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا﴾ الآية» (١).
ومن وجه آخر دخل بعض أهل الكتاب في الإسلام، وجلبوا معهم كثيراً من الروايات والأخبار التي يتداولونها، التي تتحدث عما حصل للأمم السابقة؛ خاصة بني إسرائيل، فاجتهد بعض مسلمة أهل الكتاب في سرد تلك الأخبار والقصص، وفسروا بها القرآن الكريم؛ يدفعهم لذلك حرص بعض المسلمين على سماعها، وتلقيها عنهم، غير أن كثيراً من هذه القصص شابها التحريف والتبديل، واشتملت على أمور باطلة مما ينزه الله تعالى عنه، وانتقاص ظاهر للأنبياء، فدخلت على المسلمين دون أن يتنبهوا إلى ما فيها، وراجت لدى بعض المفسرين فرواها عنهم اعتماداً على الأدلة المرخصة في ذلك (٢)، وهذا الأمر دعا الأئمة من الصحابة والتابعين - رضي الله عنهم - إلى نقدها والتحذير منها، وانتقاد من يرويها ويذيعها في الناس، وسلكوا في ذلك اتجاهين:
الأول: التحذير المجمل من روايات أهل الكتاب، وبيان أن أخبار بني إسرائيل قد تحمل في طياتها الباطل، وحث الناس على الاكتفاء بما جاء في القرآن
_________
(١) سورة البقرة آية (١٣٦)، والحديث في صحيح البخاري، كتاب التفسير، باب ﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا﴾ (٥/ ١٥٠).
(٢) انظر تفسير الصحابة د. بدر (٦٤) وما بعدها.