الناس من الفقر والحاجة إلى العز والرخاء، ودخل على المسلمين مع تلك الفتوحات بعض العادات والتقاليد الاجتماعية، فركن الناس إلى الدنيا، وتوسعوا في المباحات، وارتكب بعضهم المحرمات، ولدفع اللوم عن أنفسهم اتخذوا الآيات القرآنية ذريعة لارتكاب المحرمات والتقصير في الواجبات، وقد دفع ذلك الصحابة والتابعين للرد عليهم وانتقادهم، ومن الشواهد:
١ - قيل لأبي العالية: «إن أناساً يزعمون أنهم يتمنون أن يستكثروا من الذنوب قال: ولم ذاك؟، قالوا: يتأولون هذه الآية: ﴿يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ﴾ (١)، فقال أبو العالية: وكان إذا أخبر بما لا يعلم قال: آمنت بما أنزل الله من كتاب، ثم تلا هذه الآية: ﴿يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا﴾» (٢).
٢ - وعن الحسن قال: «لما بعث الله محمداً قال: هذا نبيي، هذا خياري، استنوا به، خذوا في سننه وسبيله، لم تغلق دونه الأبواب، ولم تقم دونه الحجبة، ولم يغد عليه بالجفان، ولم يرجع عليه بها، وكان يجلس بالأرض ويأكل طعامه بالأرض، ويلعق يده ويلبس الغليظ، ويركب الحمار ويردف بعده، وكان يقول:
_________
(١) سورة الفرقان من الآية (٧٠).
(٢) سورة آل عمران (٣٠)، والأثر في: تفسير ابن أبي حاتم (٨/ ٢٧٣٣)، والدر المنثور (٥/ ٨٠) وعزاه إلى عبد بن حميد.


الصفحة التالية
Icon