للمؤمنين» (١).
ثانياً: كلام الأقران بعضهم في بعض يكون شديداً أحياناً، فعن القاسم بن أبي بزة قال: «قال لي مجاهد: سل عكرمة عن قوله تعالى: ﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ (٢)، فسألته، فقال: الإخصاء، فقال مجاهد: ما له، لعنه الله!، فو الله لقد علم أنه غير الإخصاء، ثم قال لي: سله، فسألته، فقال عكرمة: ألم تسمع إلى قول الله تبارك وتعالى: ﴿فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ﴾ (٣)؟، قال: لدين الله، فحدثت به مجاهداً، فقال: ما له أخزاه الله! » (٤).
ثالثاً: وقد يصل الأمر إلى التوبيخ حين يشعر الصحابة أن المرء تكلم في القرآن بلا علم، ومن أمثلته:
توبيخ الصحابة - رضي الله عنهم - لجبير بن نفير حين أخطأ في فهم قول الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾ (٥)، وقالوا له بلسان واحد: أتنتزع آية من القرآن لا تعرفها، ولا تدري ما تأويلها؟ ! قال: حتى تمنيت أني لم أكن تكلمت.
_________
(١) كتاب القدر للفريابي (ص ١٨٢، ١٩٨).
(٢) سورة النساء من الآية (١١٩).
(٣) سورة الروم من الآية (٣٠).
(٤) جامع البيان (٧/ ٤٩٥ - ٤٩٦).
(٥) سورة المائدة من الآية (١٠٥).


الصفحة التالية
Icon