المبحث الأول مميزات نقد الصحابة والتابعين للتفسير
أولاً: أهليتهم للنقد.
التأهل العلمي مهم للناقد في فنه ليتمكن من الحكم على الأقوال وتمييز الصحيح من الضعيف، فقد تلتبس المناهج والأقوال على من لم يكن مؤهلاً علمياً، وتخفى عليه الأهداف والتوجهات، وقد حاز الصحابة والتابعون قصب السبق في ذلك، فاجتمعت فيهم صفات علمية وشخصية مهمة للناقد، فكانوا على قدر كبير من صحة القصد وسلامة الهدف وكمال النصح، مع ما هم عليه من التمكن العلمي، وما اختص به بعضهم من التبحر في علم التفسير وجمع أطرافه، وملازمة تعلمه وتعليمه مما أهله ليكون مرجعاً علمياً معتبراً في تفسير القرآن، ومما اختص به الصحابة دون غيرهم أنهم شهدوا التنزيل، وعرفوا السبب الذي من أجله نزلت الآيات، فهم في أكثر من واقعة ينتقدون التفسير، ويستدلون بما شاهدوه من نزول الآية، ومن أمثلته: رد أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه - (١) على من تأول قوله تعالى: {وَلَا
_________
(١) هو خالد بن زيد بن كليب الأنصاري الخزرجي النجاري، شهد العقبة وبدراً وما بعدها، ونزل عليه النبي - ﷺ - لما قدم المدينة حتى بنى بيوته ومسجده، وآخى بينه وبين مصعب بن عمير، توفي في غزاة القسطنطينية سنة (٥٢).
انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (٣/ ٢/٤٩)، والإصابة (٣/ ٥٦).


الصفحة التالية
Icon