تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (١)، ونَزَّلها على من دخل في صفوف الأعداء في الجهاد، فقال أبو أيوب منكراً: «أيها الناس إنكم تتأولون هذه الآية هذا التأويل، وإنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار، لما أعز الله الإسلام وكثر ناصروه، فقال بعضنا لبعض سراً دون رسول الله - ﷺ -: إن أموالنا قد ضاعت، وإن الله قد أعز الإسلام وكثر ناصروه، فلو أقمنا في أموالنا فأصلحنا ما ضاع منها، فأنزل الله تبارك وتعالى على نبيه - ﷺ - يرد علينا ما قلنا: ﴿وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ (٢)، فكانت التهلكة الإقامة على الأموال وإصلاحها وتركنا الغزو» (٣).
وقد يأخذ الصحابة - رضي الله عنهم - نقدهم مباشرة من النبي - ﷺ -، ومن أمثلته أن رجلاً قال لأبي بن كعب - رضي الله عنه -: «قول الله تبارك وتعالى: ﴿مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ﴾ (٤)، والله إن كان كل ما عملنا جزينا به هلكنا؟ !، فقال أبيّ: والله إن كنت لأراك أفقه مما أرى!، لا يصيب رجلاً خدش ولا عثرة إلا بذنب، وما يعفو الله عنه أكثر، حتى
_________
(١) سورة البقرة من الآية (١٩٥).
(٢) سورة البقرة من الآية (١٩٥).
(٣) انظر هذا المثال وغيره (ص ٥٢٦).
(٤) سورة النساء من الآية (١٢٣).