ألوهية عيسى، ومن ذلك أنهم قالوا للنبي - ﷺ -: ألست تزعم أن عيسى كلمة الله وروحه؟، قال: بلى، قالوا: حسبنا (١).
ووجه كون هذه الألفاظ من المتشابه أن لفظ كلمة الله: يراد به الكلام، ويراد به المخلوق بالكلام، ولفظ روح منه: يراد به ابتداء الغاية ويراد به التبعيض (٢)، ولم يردوا هذه الألفاظ إلى المحكم من القرآن الدال على أن عيسى - عليه السلام - مخلوق وعبدٌ لله، كقول الله تعالى: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ (٣)، وقوله تعالى: ﴿قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا﴾ (٤).
ومما اتبعوه من المتشابه للاستدلال على أن الله تعالى ثالث ثلاثة ما يرد في القرآن من لفظ: "إنا" و"نحن"، الدال على الجمع، ووجه كون هذه الألفاظ من المتشابه «أنها تقال للواحد الذي له أعوان: إما أن يكونوا شركاء له، وإما أن يكونوا مماليك له، ولهذا صارت متشابهة، فإن الذي معه شركاء يقول: فعلنا نحن كذا، وإنا نفعل كذا، وهذا ممتنع في حق الله تعالى، والذي له مماليك ومطيعون يطيعونه، كالملك يقول: فعلنا كذا، أي: أنا فعلت بأهل ملكي، وكل ما سوى الله مخلوق له مملوك له، وهو سبحانه أحق من قال: إنا ونحن بهذا الاعتبار، فإن ما سواه ليس له
_________
(١) جامع البيان (٥/ ٢٠٦)، وتفسير ابن أبي حاتم (٢/ ٥٩٦).
(٢) مجموع الفتاوى لابن تيمية (١٧/ ٣٨٩).
(٣) سورة آل عمران آية (٥٩).
(٤) سورة مريم آية (٣٠).