ومما يؤيد ذلك أنّ النبي - ﷺ - نهى عن تصديقهم فيما ينقلونه من الأخبار، فقال: «لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم» (١)، وهذا يضع الأخبار الإسرائيلية في مرتبة المشكوك فيه، ويقلل الثقة بها؛ لما دخلها من التحريف والتبديل، ولعدم الثقة بمن يرويها من أهل الكتاب، فقد تحملهم العصبية والحمية لدينهم إلى تحريف ما ينقلونه، فلا يجوز جعل تلك الأخبار المشكوك فيها معاني لكتاب الله مقطوعاً بها، والواجب التريث في قبولها، حتى ينظر فيها وتنتقد، فإن لم يوجد فيها محذور أو خطأ أذن في روايتها مع التوقف في تصديقها أو تكذيبها (٢)، وهذا وجه من أوجه النقد، وفيه تنبيه لمن يتصدى لتفسير القرآن أن يكون حذراً يقظاً تجاه الروايات الإسرائيلية، قادراً على نقدها ورد ما يعارض الكتاب والسنة، فلا يدخل في تفسيره
_________
(١) أخرجه البخاري في كتاب التفسير، باب ﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا﴾ (٥/ ١٥٠) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) انظر فتح الباري لابن حجر (٨/ ١٧٠).