وفي رواية أن حفصة قالت: «أليس قد قال الله: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا﴾؟ » (١).
قال ابن القيم: «أشكل عليها الجمع بين النصين، وظنت الورود دخولها، كما يقال: ورد المدينة إذا دخلها، فأجاب النبي - ﷺ - بأن ورود المتقين غير ورود الظالمين، فإن المتقين يردونها وروداً ينجون به من عذابها، والظالمين يردونها وروداً يصيرون جثياً فيها به، فليس الورود كالورود» (٢).
٣ - وفهم عديّ بن حاتم - رضي الله عنه - (٣)
من قوله تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾ (٤) أن المراد خيطان حقيقيان، فعمد إلى عقالين: أبيض وأسود، ووضعهما عند رأسه، وأخذ ينظر إليهما، فلم يتبينا له، فأخبر النبي - ﷺ -، فقال له: «إن وسادك إذاً لعريض إن كان الخيط الأبيض والأسود تحت وسادتك»، وفي رواية: «إنك لعريض القفا إن أبصرت الخيطين»، ثم قال:
_________
(١) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر البعث (٢/ ١٤٣١)، والإمام أحمد في المسند (٦/ ٢٨٥، ٣٦٢) عن أم مبشر عن حفصة - رضي الله عنهما -، وصححه البغوي في شرح السنة (١٤/ ١٩٤)، وقال الألباني في السلسلة الصحيحة (٥/ ١٩١): «إسناده جيد، رجاله ثقات رجال الصحيح».
(٢) الصواعق المرسلة (٣/ ١٠٥٤).
(٣) هو أبو طريف عدي بن حاتم الطائي، وفد على النبي - ﷺ - سنة تسع، فأسلم وكان نصرانياً، وشهد فتوح العراق، وسكن الكوفة، وبها توفي عام (٦٧)، وقيل غير ذلك.
انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (٦/ ١٣)، والتاريخ الكبير (٤/ ١/٤٣)، والإصابة (٦٧/ ٤٠١).
(٤) سورة البقرة من الآية (١٨٧).