«بل هو سواد الليل وبياض الصبح» (١).
وجاء عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - (٢) أنه لما نزل قوله تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾، ولم ينزل ﴿مِنَ الْفَجْرِ﴾، فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط الأبيض والخيط الأسود، ولا يزال يأكل حتى يتبين له رؤيتهما، فأنزل الله بعده: ﴿مِنَ الْفَجْرِ﴾، فعلموا أنه إنما يعني الليل والنهار (٣).
وهذا الحديث يفيد تأخر نزول قوله تعالى: ﴿مِنَ الْفَجْرِ﴾ عن أول الآية؛ ولذلك فهم بعض الصحابة أن المراد الخيط المعروف، فلما نزل ﴿مِنَ الْفَجْرِ﴾ فهموا المراد.
أما عدي بن حاتم فقصته متأخرة عن نزول الآية، فقد وفد على النبي - ﷺ - سنة تسعٍ أو عشرٍ، والآية نزلت في فرض الصوم، وكان فرضه في أول الهجرة،
_________
(١) أخرجه البخاري في كتاب التفسير، باب قوله تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ﴾ (٥/ ١٥٦) من حديث عدي بن حاتم - رضي الله عنه -.
(٢) هو سهل بن سعد بن مالك الخزرجيّ الساعدي الأنصاري، كان عمره يوم وفاة النبي - ﷺ - خمس عشرة سنة، وعُمر بعده حتى أدرك الحجاج، وتوفي بالمدينة عام (٨٨)، وقيل (٩١).
انظر: التاريخ الكبير (٢/ ٢/٩٧)، وأسد الغابة (٢/ ٤٧٢)، والإصابة (٤/ ٢٧٥).
(٣) أخرجه البخاري في كتاب التفسير، باب قوله تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ﴾ (٥/ ١٥٦).