فسمع الآية من النبي - ﷺ - كاملة، لكنه لم يفهم من الخيطين أنهما بياض النهار وسواد الليل، فصنع ما صنع، فلما أخبر النبي - ﷺ - بذلك عاتبه، وفي بعض الروايات أنه ضحك من صنيعه (١)؛ لأن سياق الآية يرد فهمه، فقوله: ﴿مِنَ الْفَجْرِ﴾ يمنع أن يكون المراد ما فهم عدي، فالخيط الأبيض والأسود من الفجر؛ ولذلك لما نزلت فهم الصحابة أن المراد بياض النهار وسواد الليل، وقد جاء في بعض روايات الحديث أن النبي - ﷺ - قال لعدي: «ألم أقل من الفجر؟، إنما هو بياض النهار وسواد الليل» (٢).
وعدي - رضي الله عنه - هو الذي سمع النبي - ﷺ - يقرأ: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ (٣)، فقال: «يا رسول الله، إنا لسنا نعبدهم!، فقال النبي - ﷺ -: «أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه، ويحلون ما حرم الله فتحلونه؟ »، فقال: بلى!، قال: «فتلك عبادتهم» (٤).
_________
(١) سنن سعيد بن منصور (٢/ ٦٩٨)، ومسند الإمام أحمد (٤/ ٣٧٧)، وتفسير ابن أبي حاتم (١/ ٣١٨).
(٢) جامع البيان (٣/ ٢٥١)، وتفسير ابن أبي حاتم (١/ ٣١٨)، وانظر فتح الباري لابن حجر (٤/ ١٣٤).
(٣) سورة التوبة من الآية (٣١).
(٤) أخرجه الترمذي في أبواب التفسير، باب ومن سورة التوبة (٨/ ٢٤٨)، والبخاري في التاريخ الكبير (٤/ ١/١٠٦)، وابن جرير في جامع البيان (١١/ ٤١٧ - ٤١٨) واللفظ له، وابن أبي حاتم في تفسيره (٦/ ١٧٨٤)، قال الترمذي: «هذا حديث غريب»، وقد حسنه ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٧/ ٦٧)، والألباني في صحيح سنن الترمذي (٣/ ٥٦).