أولًا: ما اعترف واضعه بوضعه:
حفظ عن عدد من العلماء تصريحهم بالاعتراف بوضع بعض الأشعار، ونسبتها للمتقدمين. ومن أمثلة هذه الشواهد الموضوعة ما أورده المفسرون في مواضع متفرقة من تفاسيرهم، وهو قول الشاعر:

على أنه للأعشى، فقد استشهد به أبو عبيدة على معنى قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً﴾ [هود: ٧٠] (١) فقال: «نكرهم وأنكرهم سواء، قال الأعشى... » ثم ذكر الشاهد (٢). واستشهد به الطبري على المسألة نفسها فقال: «يقال منه: نَكِرْتُ الشيءَ أُنْكِرُهُ، وأَنْكَرتُهُ أُنْكِرُه، بمعنىً واحد، ومِنْ نَكِرْتُ وأَنْكَرْتُ قولُ الأعشى:
فَأَنْكَرتني ومَا كانَ الذي نَكِرَتْ مِن الحوادثِ إِلَّا الشَّيبَ والصَّلعَا
وأَنْكَرتني ومَا كانَ الذي نَكِرَتْ مِن الحوادثِ إِلَّا الشَّيبَ والصَّلعَا
فجَمع اللغتين جَميعًا في البيت» (٣). واستشهد به الطبري كذلك على أن «العربَ قد تَجمعُ بين اللغتين، كما قال: ﴿فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا (١٧)﴾ [الطارق: ١٧] (٤) فجَمَعَ بين التشديد والتخفيف، وكما قال الأعشى.. » ثم ذكر الشاهد (٥).
وهذا الشاهد قد نقل أبو عبيدة عن يونس بن حبيب البصري أن أبا عمرو بن العلاء قد اعترف له فقال: «أنا الذي زدتُ هذا البيت في شعر الأعشى إلى آخره فذهب، فأتوب إلى الله منه» (٦). والبيت في ديوان الأعشى المطبوع، وقد ذكر المُحقق ما قيل في وضع القصيدة برمتها على الأعشى، وأقوال المحققين تردُّ كثيرًا من أبيات القصيدة ومنها هذا الشاهد، وقد نُسبَ وضعهُ إلى حَمَّاد الراوية، والمشهور أنه لأبي عمرو بن العلاء (٧).
_________
(١) هود ٧٠.
(٢) مجاز القرآن ١/ ٢٩٣.
(٣) تفسير الطبري (هجر) ١٢/ ٤٧٢.
(٤) الطارق ١٧.
(٥) تفسير الطبري (هجر) ٢٣/ ٥٩٥.
(٦) مجاز القرآن ١/ ٢٩٣.
(٧) انظر: مراتب النحويين ٣٤، ديوان الأعشى ١٥٠.


الصفحة التالية
Icon