ابن عطية، لم يكن في الشاهد حجة لما ذهب إليه الطبري والزمخشري (١).
ومن الأمثلة قول الطبري: «وأولى القولين في ذلك بالصواب قول مجاهد؛ لأن العربَ تُسمِّي كُلَّ صانعٍ خالقًا، ومنه قول زهير:

وَلأَنْتَ تَفْرِي ما خَلَقْتَ وبعضُ القومِ يَخلُقُ ثُمَّ لا يَفْري
ويُروى:
ولأَنتَ تَخْلُقُ ما فَريتَ وبعضُ القومِ يَخلقُ ثُمَّ لا يَفري» (٢).
ومن الأمثلة كذلك قول ابن عطية عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ﴾ [الأنفال: ٤٢] (٣): «وعلى نحو ﴿حَيَّ﴾ جاء قول الشاعر (٤): ومنهُ... قولُ المتلمس:
عَيّوا بِأَمْرِهِمُ كَمَا عَيَّتْ بِبَيْضَتِهَا الحَمَامَة (٥)
فهذا أَوانُ العِرْضِ حَيَّ ذُبَابُهُ زَنَابيرُهُ والأَزْرَقُ المُتَلَمَّسُ (٦)
ويُروى: جُنَّ ذُبَابُه»
(٧). وعلى الرواية الثانية لا شاهد في البيت، وقد نبه ابن عطية هنا على الرواية الثانية، ولا يضر ذلك لأن الشاهد لم يكن وحيدًا للاستشهاد في هذه المسألة وإنما جاء مع غيره من الشواهد الصحيحة، غير أنه يسقط الاستشهاد بهذا الشاهد.
وربَّمَا يرجعُ الخطأُ في الشاهد إلى الناسخ، من مثل ما ورد في «مجاز القرآن» المطبوع عند تفسير قوله تعالى: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ
_________
(١) انظر: خزانة الأدب ٥/ ٤٣٠.
(٢) تفسير الطبري (شاكر) ١٩/ ١٩.
(٣) الأنفال ٤٢.
(٤) هو عبيد بن الأبرص.
(٥) انظر: ديوانه ٤٣.
(٦) العِرْضُ وادٍ باليمامة. والبيت لجرير بن عبدالمسيح المعروف بالمتلمس الضبعي، وهو في ديوانه ١٢٣.
(٧) المحرر الوجيز ٨/ ٧٧ - ٧٨.


الصفحة التالية
Icon